للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المطلب الثامن: من علامات محبته صلى الله عليه وسلم الزهد في الدنيا]

إن من علامات محبة النبي فالزهد في الدنيا والصبر على شدائدها، وعدم الركون إلى زخرفها وملذاتها. وذلك افتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباعا لما كان عليه. فلقد كان من صفاته صلى الله عليه وسلم زهده في أمور الدنيا وحبه للكفاف من العيش وإيثاره الآخرة على الأولى.

فهو القائل صلى الله عليه وسلم: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" ١.

وهو القائل: "مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب سار في يوم صائف ٢ فاستظل تحت شجرة ثم راح وتركها" ٣.

والزهد المقصود هنا هو الزهد الشرعي لا الزهد البدعي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الزهد: هو عما لا ينفع. إما لانتفاء نفعه. أو لكونه مرجوحا، لأنه مفوت لما هو أنفع منه، أو محصل لما يربو ضرره على نفعه. فالزهد من باب عدم الرغبة والإرادة في المزهود فيه. فالواجبات


١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". فتح الباري (١١/٢٣٣) ح ٦٤١٦.
٢ يوم صائف: أي حار. القاموس (٣/١٧٠) .
٣ أخرجه وكيع بن الجراح في الزهد (١/ ٢٨٦- ٢٨٨) ح ٦٤، وأخرجه عنه الإمام أحمد في المسند (١/ ٤٤١) وفي الزهد (٨) والحاكم في المستدرك (٤/ ٣٠٩- ٣١٠) وصححه ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/٣٢٦) بعد عزوه لأحمد رجاله رجال الصحيح، غير هلال بن خباب وهو ثقة. وقال محقق كتاب الزهد لوكيع: "والحديث مع ماله من الشواهد يرتقي إلى درجة الصحة". الزهد لوكيع (١/٢٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>