للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرين والفاسقين طمعا في إيمانهم وتوبتهم، ويطلبون الرزق لهم وحيث لم يذكر الله تعالى عن الملائكة استغفارهم لأنفسهم علمنا أنهم مبرأون عن كل الذنوب أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥) فإن الله تعالى يعطي المغفرة التي طلبوها، ويزيدهم على ما طلبوه رحمة كاملة، وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أي أربابا يعبدونهم من الأصنام اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ أي رقيب على أعمالهم فيجازيهم عليها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٦) ، أي ما أنت يا أشرف الرسل بموكول إليك أمرهم ولا قسرهم على الإيمان إنما أنت منذر فقط، وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها أي كما أوحينا إليك أنك لست حفيظا عليهم ولست وكيلا عليهم، فكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتكون نذيرا لأهل أم القرى، ولمن حولها من سائر الناس، وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ أي يوم القيامة فيجتمع فيه أهل السموات مع أهل الأرض لا رَيْبَ فِيهِ والوقف هنا كاف فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) أي بعد جمعهم في الموقف، ف «فريق» مبتدأ خبره الظرف بعده. وقرئ بالنصب على الحالية وتنذر يوم جمعهم متفرقين في داري الثواب والعقاب. وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ في الدنيا أُمَّةً واحِدَةً أي على دين واحد وهو إما الإسلام أو الكفر، ولكن الله جعل البعض مؤمنا والبعض كافرا، وهو معنى قوله تعالى: وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ أي يدخل الله في رحمته من يشاء أن يدخله فيها، ويدخل في عذابه من يشاء أن يدخله فيه، وَالظَّالِمُونَ أي الكافرون ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ أي قريب ينفعهم، وَلا نَصِيرٍ (٨) أي مانع يمنعهم من عذاب الله تعالى، أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أي بل اتخذوا متجاوزين الله أولياء من الأصنام وغيرها، هيهات فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى أي إن أرادوا وليا بحق، فالله هو الولي بحق لا ولي سواه، لأنه يحيي الموتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) فهو حقيق بأن يتخذ وليا دون من لا يقدر على شيء وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ أي وما خالفكم الكفار فيه من أمور الدين فاختلفتم أنتم وهم، فَحُكْمُهُ راجع إِلَى اللَّهِ وهو إثابة المحقين ومعاقبة المبطلين، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي أي ذلكم الحاكم بينكم هو الله مالكي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ في دفع كيد الأعداء، وفي طلب كل خير، وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) أي وإليه تعالى أرجع في كل المهمات لا إلى أحد سواه

فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بالرفع خبر خامس ل «ذلكم» ، أو مبتدأ خبره ما بعده. وقرئ بالجر على أنه بدل من الضمير، أو وصف لاسم الجلالة المجرور ب «إلى» . جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أي من جنسكم من الناس أَزْواجاً أي نساء وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً أي وجعل للأنعام من جنسها أصنافا، ذكرا وأنثى يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ، أي يكثركم بسبب هذا الجعل، لأن الناس والأنعام يتوالدون به لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، أي ليس كذاته تعالى ذوات، وليس كصفاته تعالى صفات، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) للمسموعات والمرئيات، لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي له تعالى مفاتيح الرزق من السموات والأرض، وهي الأمطار والنباتات يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>