للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل أمر اتبع فيه الباطل كان مردودا معاقبا عليه، فصار هذا عاما في الأمثال فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ أي فإذا لقيتم الكفار في المحاربة يوم بدر، فاضربوا أعناقهم أي فاقتلوهم بأي طريق أمكنكم حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ أي حتى إذا أضعفتموهم بالجراح فاستوثقوا الأسر فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً أي فإما تمنون منا عليهم بإرسالهم من غير فداء بعد أسرهم وشد وثاقهم، وإما تفدون فداء بمال، أو أسرى مسلمين حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها أي حتى تضع أهل الحرب آلات الحرب أي حتى تنقرض الحرب بالكلية بحيث لا يبقى في الدنيا حزب من أحزاب الكفر يحارب حزبا من أحزاب الإسلام ذلِكَ أي ذلك المذكور واجب وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ أي لانتقم من الكفار من غير قتالكم ببعض أسباب الهلكة كالخسف، وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ أي ولكن لم يشأ ذلك، بل يكلفهم بالقتال ليحصل لكم شرف باختياره إياكم لهذا الأمر، ويختبركم بالكفار لتجاهدوهم لاستحقاق العظيم، وليختبرهم بكم ليعالجهم ببعض العذاب على أيديكم كي يرتدع بعضهم عن الكفر، وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (٤) ، قرأ أبو عمرو، وحفص «قتلوا» مبينا للمجهول أي والذين استشهدوا في طاعة الله يوم بدر فلن يضيع الله أعمالهم أي لا تخافوا القتل، فإن من يقتل في سبيل الله له من الأجر ما لا يمنع المقاتل من القتال، بل يحثه عليه، وقرأ الباقون قاتلوا أي جاهدوا لإعلاء دين الله سواء قتلوا أو لم يقتلوا، سَيَهْدِيهِمْ في الدنيا إلى أرشد الأمور إن لم يقتلوا وفي الآخرة إلى طريق الجنة من غير وقفة من قبورهم إلى موضع حبورهم وَيُصْلِحُ بالَهُمْ (٥) أي حالهم في الدنيا والآخرة بأن يقبل الله أعمالهم ويرضي خصماءهم يوم القيامة، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ (٦) أي إذا دخلوها يقال لهم: تفرقوا إلى منازلكم فهم أعرف بمنازلهم من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم، وقال ابن عباس: أي طيبها لهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ أي إن تنصروا دين الله وحزب الله يَنْصُرْكُمْ على أعدائكم، وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (٧) أي يثبتكم في مواضع الحرب وعلى محجة الإسلام وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ أي فألزمهم الله هلاكا وعثارهم واجب لأن آلهتهم جمادات لا قدرة لها على النصرة، وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (٨) أي أبطل نفقاتهم يوم بدر ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ أي ذلك الهلاك وإبطال الأعمال بسبب أنهم كرهوا القرآن لما فيه من بيان التوحيد وبيان أمر الآخرة فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٩) أي فأبطل حسناتهم فلو عملوها مع الإيمان لأثبتوا عليها أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ أي أقعد كفار مكة في أماكنهم ولم يسافروا في الأرض فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم المكذبة دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي أهلك الله ما يختص بهم من أنفسهم، وأهليهم، وأموالهم وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها (١٠) أي ولقوم محمد أمثال تلك العاقبة، فأهلكوا بأيدي أمثالهم الذين كانوا لا يرضون بمجالستهم وأسروا بأيدي من كانوا يستضعفونهم، وذلك الألم من الهلاك بسبب عام

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا أي ثبوت هلاك أمة محمد كالأمم السالفة بسبب أن الله تعالى ناصر المؤمنين على

<<  <  ج: ص:  >  >>