للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجها وقال: «ما حملك على ما صنعت؟» فقال الشيطان: فهل من رخصة؟ فقال: «نعم» . وقرأ عليه الأربع آيات وقال له: «هل تستطيع العتق؟» فقال: لا، والله. فقال: «هل تستطيع الصوم؟» فقال: لا والله، لولا أني آكل في اليوم مرة أو مرتين لكلّ بصري ولظننت أني أموت. فقال له:

«هل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا؟» «١» فقال: لا والله يا رسول الله إلا أن تعينني منك بصدقة، فأعانه رسول الله بخمسة عشر صاعا، وأخرج أوس من عنده مثله، فتصدق به على ستين مسكينا،

الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ أي الذين يحرمون نساءهم على أنفسهم، كتحريم الله عليهم ظهور أمهاتهم ليست نساؤهم أمهاتهم على الحقيقة، فهو كذب بحت.

قرأ ابن كثير ونافع، وأبو عمرو، ويعقوب «يظهرون» بفتح الياء وتشديد الظاء والهاء، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف «يظاهرون» بفتح الياء وتشديد الظاء وألف. وقرأ أبو العالية وعاصم وحسين يظاهرون بضم الياء وتخفيف الظاء وألف وكسر الهاء وفي قراءة أبيّ «يتظاهرون» . وقرأ عاصم في رواية المفضل «أمهاتهم» بالرفع. وقرئ «بأمهاتهم» . وجملة «ما هن أمهاتهم» خبر المبتدأ الذي هو الموصول إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ أي ما أمهاتهم في الحرمة إلا اللائي ولدنهم، فلا تشبه بهن في الحرمة إلا من ألحقها الشرع بهن من المرضعات، وأزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم، وَإِنَّهُمْ أي المظاهرين لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ عند الشرع وعند العقل والطبع، وَزُوراً أي كذبا، والظهار حرام اتفاقا، وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٢) إما من غير التوبة لمن شاء، أو بعد التوبة إذ جعل الكفارة عليهم مخلصة لهم من هذا القول المنكر، وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا إما بالسكوت عن الطلاق بعد الظهار زمانا يمكنه أن يطلقها فيه كما قال الشافعي- وإما باستباحة الوطء والملامسة، والنظر إليها بالشهوة- كما قاله أبو حنيفة وإما بالعزم على جماعها- كما قاله مالك- فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أي فالواجب إعتاق رقبة مؤمنة فلا تجزئ كافرة عند الشافعي.

وقال أبو حنيفة: تجزئ أي رقبة كانت سواء كانت مؤمنة أو كافرة. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا أي أن يستمتع كل من المظاهر المظاهر منها بشيء من جهات الاستمتاعات، فلا يباشر المظاهر امرأته، ولا يتلذذ منها بشيء حتى يكفر، فإن وطئها قبل أن يكفر استغفر الله وأمسك عنها حتى


(١) رواه الترمذي في السنن ٧٢، والبيهقي في السنن الكبرى (٤: ٢٢٧) ، والشافعي في المسند ١٠٥، ومالك في الموطّأ ٢٩٧، والطبراني في المعجم الكبير (٧: ٤٧) ، وعبد الرزاق في المصنّف (٧٤٥٩) ، وابن عبد البر في التمهيد (٧: ١٦١) ، والبغوي في شرح السنة (٦: ٢٨٢) ، والطبراني في التفسير (٢٨: ٣٤) ، والسيوطي في الدر المنثور (٦:
١٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>