للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كافُوراً

(٥) ، أي كانت تلك الخمر ممزوجة بماء عين كافور، فإن الكافور: اسم عين في الجنة، ماؤها في بياض الكافور، ورائحته، وبرده، ولكن لا يكون فيه طعمه، ولا مضرته، ويبدل من «كافورا» قوله: عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ أي يشرب عباد الله بماء تلك العين الخمر، لكونها ممزوجة بها، فالباء متعلقة بمحذوف حال من مفعول محذوف، أي يشرب المؤمنون الخمر ممزوجة بتلك العين، أو متعلقة ب «يشرب» والضمير يعود على «الكأس» ، أي يشربون العين بتلك الكأس والباء للإلصاق، أو مزيدة ويدل له قراءة ابن أبي عبلة يشربها عباد الله، يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) أي يقودون العين حيث شاءوا من منازلهم، وتتبعهم، فحيث مالوا مالت معهم أي إن الرجل منهم يمشي في بيوته ويصعد إلى قصوره وبيده قضيب يشير به إلى الماء فيجزي معه حيثما دار في منازله على مستوى الأرض في غير أخدود ويتبعه حيثما صعد إلى أعلا قصوره، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ أي بما أوجبوه على أنفسهم لوجه الله تعالى فكيف بما أوجبه الله تعالى عليهم، وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ أي شدائده مُسْتَطِيراً (٧) ، أي سريع الوصول إلى أهله من العصاة، وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ، أي مع حاجتهم إلى الطعام.

وقال الفضيل بن عياض: أي على حب إطعام الطعام، أي بأن يكون ذلك مع طيب النفس مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (٨) ، أي مسجونا مسلما وهو قول مجاهد وعطاء وسعيد بن جبير قائلين بلسان الحال: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ أي لطلب ثواب الله، لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً أي مكافأة وَلا شُكُوراً (٩) ، أي محمدة بقول أو بفعل.

روي أن عائشة كانت تبعث بالصدقة إلى أهل بيت، ثم تسأل المبعوث ما قالوا، فإن ذكر دعاء دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصا عند الله تعالى، إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً أي تعبس فيه الوجوه قَمْطَرِيراً (١٠) أي شديدا.

روي أن الكافر يعبس حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران،

فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ أي شدائده بسبب خوفهم عنه، وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً (١١) أي وأعطاهم بسبب طلب رضا الله حسنا في وجوههم، وفرحا في قلوبهم، وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً (١٢) أي وجزاهم بصبرهم على الإيثار وما يؤدي إليه من الجوع والعري بستانا فيه مأكل هني، وحريرا فيه ملبس بهي، مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ أي جالسين في الجنة على السرر في الحجال، لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً (١٣) ، أي لا يصيبهم في الجنة حر محم، ولا برد مؤذ، لأن هواءها معتدل في الحر والبرد. ويقال: إن في الجنة من الضياء ما لا يحتاجون معه إلى شمس ولا قمر، فإن الزمهرير القمر في لغة طيئ- كما رواه ثعلب- ونورها من نور العرش وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها معطوف على محل «لا يرون» وهو في محل نصب حال من الضمير المستكن في «متكئين» ، أي بعداء عن الحر والبرد، وقريبة ظلال شجرها منهم. وقرئ «ودانية» بالرفع على أنه خبر ل «ظلالهما» ، والجملة

<<  <  ج: ص:  >  >>