للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضم الباء على وزن كرم أي صار الطاغوت معبودا من دون الله تعالى ورفع الطاغوت على هاتين القراءتين فالراجع إلى الموصول محذوف فيها أي عبد الطاغوت فيهم أو بينهم.

وقرأ حمزة وعبد الطاغوت بفتح العين وضم الباء ونصب الدال، وجر الطاغوت وهو مفرد يراد به الكثرة أي بالغ الغاية في طاعة الشيطان وهو معطوف على القردة كقراءة عابد الطاغوت، وعابدي، وعبادة، وعبيد، وعبد بضمتين، وعبدة بوزن كفرة وعبد بفتحتين جمع عابد كخدم جمع خادم وقرئ وعبد الطاغوت بجر عبد عطفا على من بناء على أنه مجرور على أنه بدل من شر والسبعية اثنتان.

أولاهما: عبد الطاغوت على أن عبد فعل ماض مبني للفاعل وفيه ضمير عائد على من وهذه قراءة غير حمزة.

وثانيهما: قراءته وغيرهما قراءات شاذة أُولئِكَ الملعونون الممسوخون شَرٌّ مَكاناً من المؤمنين لأن مكانهم سقر ولا مكان أشد شرا منه. أو المعنى أولئك الملعونون المغضوب عليهم المجعول منهم القردة والخنازير العابدون الطاغوت شر مكانا من غيرهم من الكفرة الذين لم يجمعوا بين هذه الخصال الذميمة وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٦٠) أي أكثرهم ضلالا عن الطريق المستقيم.

قال المفسرون: لما نزلت هذه الآية عيّر المسلمون أهل الكتاب وقالوا: يا إخوان القردة والخنازير فينكسون رؤوسهم

وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ نزلت هذه الآية في ناس من اليهود كانوا يدخلون على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويظهرون له الإيمان نفاقا، فأخبره الله تعالى بشأنهم أنهم يخرجون من مجلسك ملتبسين بالكفر كما دخلوا لم يتعلق بقلبهم شيء مما سمعوا منك من نصائحك وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ

(٦١) من الكفر وغرضهم من هذا النفاق المبالغة فيما في قلوبهم من الجلد في المكر بالمسلمين والعداوة لهم وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ أي اليهود يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ أي الكذب وكلمة الشرك وَالْعُدْوانِ أي الظلم على الناس وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ أي الحرام كالرشا لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) أي لبئس شيئا كانوا يعملونه عملهم هذا لَوْلا أي هلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ أي العباد وَالْأَحْبارُ أي العلماء عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ مع علمهم بقبحهما ومشاهدتهم لمباشرتهم لهما لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣) أي لبئس شيئا كانوا يصنعونه تركهم للنهي عن ذلك، والصنع أقوى من العمل لأن العمل إنما يسمى صناعة إذا صار راسخا. فجعل جرم العاملين ذنبا غير راسخ وذنب التاركين للنهي عن المنكر ذنبا راسخا ولذلك ذم بهذا خواصهم ولأن ترك الإنكار على المعصية أقبح من مواقعة المعصية، لأن النفس تلتذ بها لأنها مرض الروح وهو صعب شديد لا يكاد يزول ولا كذلك ترك الإنكار عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>