للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولدها ترعى الشجر وتشرب الماء، وكانت ترده غبا فإذا كان يومها وضعت رأسها في البئر فما ترفعه حتى تشرب كل ما فيها، ثم تفرج بين رجليها فيحلبون ما شاءوا حتى تمتلئ أوانيهم فيشربون ويدخرون، وكانت إذا وقع الحر تصيفت بظهر الوادي فيهرب منها أنعامهم، وإذا وقع البرد تشتت ببطن الوادي فتهرب مواشيهم، فشق ذلك عليهم وزينت عقرها لهم امرأتان: عنيزة وصدقة، لما أضرت به من مواشيهم، فعقروها واقتسموا لحمها وطبخوه فرقى ولدها جبلا مسمى بقارة فرغا ثلاثا، وقال صالح عليه السلام لهم: أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب، فلم يقدروا عليه وانفتحت الصخرة بعد رغائه، فدخلها، فقال لهم صالح: تصبحون غدا وجوهكم مصفرة، وبعد غد وجوهكم محمرة، واليوم الثالث وجوهكم مسودة، ثم يصبحكم العذاب فلما رأوا العلامات طلبوا أن يقتلوه، فأنجاه الله تعالى إلى أرض فلسطين، ولما كان اليوم الرابع واشتد الضحى تحنطوا بالصبر وتكفنوا بالأنطاع، فأتتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض فتقطعت قلوبهم وهلكوا فَتَوَلَّى عَنْهُمْ أي خرج صالح من بينهم قبل موتهم وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ أي بالترغيب والترهيب وبذلت فيكم وسعي ولكن لم تقبلوا مني ذلك كما قال وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩) أي لم تطيعوا الناصحين بل تستمروا على عداوتهم.

وروي أن صالحا خرج في مائة وعشرة من المسلمين وهو يبكي فالتفت فرأى الدخان ساطعا، فعلم أنهم قد هلكوا، وكانوا ألفا وخمسمائة دار وَلُوطاً أي وأرسلنا لوطا ابن هاران إلى قومه. أي فأرسله الله تعالى إلى أهل سدوم وهي بلد بحمص إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أي وقت قوله لهم فإرساله إليهم لم يكن في أول وصوله إليهم أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ أي أتفعلون اللواطة ما سَبَقَكُمْ بِها أي بهذه الفاحشة مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ (٨٠) .

قال محمد بن إسحاق: كانت لهم ثمار وقرى لم يكن في الأرض مثلها فقصدهم الناس فآذوهم، فعرض لهم إبليس في صورة شيخ: إن فعلتم بهم كذا وكذا نجوتم منهم، فأبوا، فألح عليهم فقصدوهم فأصابوا غلمانا حسانا فاستحكم فيهم ذلك

إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ أي إنكم لتأتون أدبار الرجال لمجرد الشهوة لا للولد ولا للألفة متجاوزين فروج النساء اللاتي هن محال الاشتهاء.

وقرأ نافع وحفص عن عاصم «إنكم» بهمزة واحدة مكسورة على الخبر المستأنف، وهو بيان لتلك الفاحشة.

وقرأ ابن كثير بهمزتين بدون ألف بينهما. وبتسهيل الثانية، وأبو عمرو كذلك لكنه أدخل الألف بينهما. وهشام بتحقيق الهمزتين بينهما مد. والباقون بتحقيقهما من غير مدّ بينهما على

<<  <  ج: ص:  >  >>