للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأعضاء قيل: حبس الله تعالى عنهم المطر ثلاث سنين وعقمت نساؤهم ثلاثين سنة ولم تلد وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) أي ولا تعرضوا عمّا أدعوكم إليه مصرين على آثامكم قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ أي بمعجزة وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا أي بتاركي عبادتها عَنْ قَوْلِكَ أي لأجل قولك وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) أي بمصدقين بالرسالة إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ أي ما نقول في شأنك إلا قولنا: أصابك بعض آلهتنا بجنون لأنك شتمتها ومنعت عن عبادتها قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ على وَاشْهَدُوا أنتم على أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ أي من إشراككم آلهة من دون الله فَكِيدُونِي جَمِيعاً أي فاعملوا في هلاكي أنتم وآلهتكم جميعا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (٥٥) أي لا تؤجلوني إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ أي إني فوضت أمري إلى الله مالكي ومالككم ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها أي ما من حيوان إلا وهو تحت قهره وقدرته وهو منقاد لقضائه وقدره إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦) أي إنه تعالى وإن كان قادرا على عباده لكنه لا يظلمهم ولا يفعل بهم إلا ما هو الحق والعدل والصواب فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ أي فإن تعرضوا عن الإيمان والتوبة لم أعاتب على تقصير في الإبلاغ لأني قد أبلغتكم وصرتم محجوجين من الله تعالى لأنكم أصررتم على التكذيب وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ أي يخلق ربي بعدكم من هو خير منكم وأطوع وهذا إشارة إلى نزول عذاب الاستئصال وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً أي لا ينقص هلاككم من ملك الله شيئا إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) فيحفظ لأعمال العباد حتى يجازيهم عليها وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا أي عذابنا الدنيوي وهو السموم التي تدخل من أنوفهم وتخرج من أدبارهم فترفعهم في الجو وتصرعهم على الأرض على وجوههم فتتقطع أعضاؤهم نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وكانوا أربعة آلاف بِرَحْمَةٍ عظيمة

كائنة مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وهو العذاب الأخروي وَتِلْكَ القبيلة عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ أي دلالة المعجزات على صدق هود وَعَصَوْا رُسُلَهُ وجمع الرسول مع أنه لم يرسل إليهم غير هود لبيان أن عصيانهم له عليه السلام عصيان لجميع الرسل السابقين واللاحقين لاتفاق كلمتهم على التوحيد وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ أي مرتفع متمرد عَنِيدٍ (٥٩) أي منازع معارض. أي واتبع السفلة أمر رؤسائهم الدعاة إلى الضلال وإلى تكذيب الرسل وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أي جعل الإبعاد من رحمة الله تعالى ومن كل خير مصاحبا لهم وملازما في الدنيا والآخرة أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أي كفروا بربهم أَلا بُعْداً لِعادٍ وهذا دعاء عليهم بالهلاك وتحقيرهم قَوْمِ هُودٍ (٦٠) عطف على بيان لعاد وهذه عاد القديمة إرم ذات العماد واحترز به عن عاد الثانية

وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً وثمود اسم أبي القبيلة وبين صالح وبينه خمسة أجداد، وبين صالح وهود مائة سنة وعاش صالح مائتي سنة وثمانين سنة قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ فإن الإنسان مخلوق من المني وهو متولد من الدم، وهم متولد من الأغذية، وهي إما حيوانية وإما

<<  <  ج: ص:  >  >>