للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى من القدرة سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ أي سوف تعرفون الشقي الذي يأتيه عذاب يهلكه والذي هو كاذب في ادعاء القوة والقدرة على رجم شعيب عليه السلام وفي نسبته إلى الضعف وَارْتَقِبُوا أي انتظروا عاقبة ما أقول إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣) أي منتظر وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا أي عذابنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ من ذلك العذاب بِرَحْمَةٍ مِنَّا أي بسبب مرحمة كائنة منا لهم وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ أي صيحة جبريل والزلزلة أيضا فأهلكوا بهما فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) أي ميتين ملازمين لأماكنهم كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أي كأنهم لم يقيموا في ديارهم أحياء مترددين أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ أي هلاكا لقوم شعيب كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥) أي كما هلكت قوم صالح أي فإنهما أهلكا بنوع من العذاب وهو الصيحة إلا أن هؤلاء صيح بهم من فوقهم وأولئك من تحتهم وهذا في أهل قرية شعيب وأما أصحاب الأيكة فأهلكوا بعذاب الظلة وهو نار نزلت من السماء أحرقتهم وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦) أي ولقد أرسلنا موسى بالتوراة مع ما فيها من الأحكام وأيدناه بمعجزات قاهرة دالة على صدق نبوته ورسالته إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ أي جماعته فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ أي أمره إياهم بالكفر بموسى ومعجزاته وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧) أي بمرشد إلى خير فإنه كان دهريا نافيا للصانع والمعاد، وكان يقول: لا إله للعالم وإنما يجب على أهل كل بلد أن يشتغلوا بطاعة سلطانهم وعبوديته رعاية لمصلحة العالم يَقْدُمُ قَوْمَهُ أي يقود قومه جميعا، يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ أي إن فرعون كان قدوة لقومه في الضلال وفي دخول البحر والغرق في الدنيا، فكذلك يتقدمهم يوم القيامة في دخول النار والحرق وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) أي بئس الورد الذي يردونه النار لأن الورد، إنما يراد لتسكين العطش وتبريد الأكباد والنار على ضد ذلك وَأُتْبِعُوا أي الملأ الذين تبعوا أمر فرعون فِي هذِهِ أي في الدنيا لَعْنَةً من الأمم بعدهم إلى يوم القيامة وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أيضا من أهل الموقف قاطبة بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩) أي بئس العون المعان عونهم، أي بئس اللعنة الأولى المعان باللعنة الثانية عونهم وهي اللعنة في الدارين، وسميت اللعنة عونا لأنها إذا تبعتهم في الدنيا أبعدتهم عن رحمة الله وأعانتهم على ما هم فيه من الضلال وسميت رفدا أي عونا لهذا المعنى على التهكم وسميت معانا لأنها أرفدت في الآخرة بلعنة أخرى ليكونا هاديين إلى طريق الجحيم وَالْعادِياتِ أي الذي ذكرناه في هذه السورة من القصص السبعة مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ أي ذلك بعض أخبار القرى المهلكة بجناية أهلها مقصوص عليك لتخبر به قومك لعلهم يعتبرون وإلا فينزل بهم مثل ما نزل بالقرى المهلكة مِنْها أي القرى قائِمٌ أي أثر باق وَمنها حَصِيدٌ (١٠٠) أي ذاهب الأثر فشبه ما بقي من آثار القرى وجدرانها بالزرع القائم على ساقه وما محي منها بالزرع المحصود

وَما ظَلَمْناهُمْ بالعذاب والإهلاك وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالكفر والمعصية فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ أي فما نفعتهم أصنامهم الذين يعبدونها في شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>