للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحد لا يجاوزه ولا ينقص عنه عالِمُ الْغَيْبِ أي ما غاب عن العباد وَالشَّهادَةِ أي ما علمه العباد الْكَبِيرُ أي العظيم الذي يصغر غيره بالنسبة إلى كبريائه الْمُتَعالِ (٩) أي المنزه عن كل ما لا يجوز عليه في ذاته سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ في نفسه فلم يظهره على أحد وَمَنْ جَهَرَ بِهِ أي أظهره لغيره.

قال ابن عباس: أي سواء ما أضمرته القلوب وأظهرته الألسنة وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ أي مستتر بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ أي بارز يراه كل أحد بِالنَّهارِ (١٠) .

وقال مجاهد: أي وسواء من أقدم على القبائح سرا في ظلمات الليل ومن أتى بها ظاهرا بالنهار، أي فإن علمه تعالى محيط بالكل

لَهُ أي لكل ممن أسر أو جهر والمستخفي والسارب أو لعالم الغيب والشهادة مُعَقِّباتٌ أي ملائكة حفظة يعقب بعضهم بعضا في المجيء إلى من ذكر ويعقبون أقواله وأفعاله بالكتب مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أي يحيطون بمن ذكر فيعدون عليه أعماله وأقواله ولا يشذ من حفظهم إياها شيء أصلا يَحْفَظُونَهُ أي من ذكر مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي من

بأس الله حين أذنب بالاستمهال أو يراقبون أحواله من أجل أمر الله وقد قرئ به أو بسبب أمر الله كما تدل له قراءة علي وابن عباس، وزيد بن علي وعكرمة بأمر الله إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ من أمن ونعمة حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ بترك الشكر وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً أي هلاكا فَلا مَرَدَّ لَهُ أي لم تغن المعقبات شيئا فلا راد لعذاب الله ولا ناقض لحكمه وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ أي من غير الله مِنْ والٍ (١١) أي مانع من عذاب الله الذي أراده بهم بتغيير ما بهم هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ وهو لمعان يظهر من خلال السحاب خَوْفاً أي خائفين من وقوع الصواعق وَطَمَعاً أي وطامعين في نزول الغيث، أو ذا خوف لمن له في المطر ضرر كالمسافر، وكمن يجفف التمر والزبيب والقمح وذا طمع لمن له فيه نفع كالحراث وَيُنْشِئُ السَّحابَ أي ويرفع الغمام المنسحب في الجو الثِّقالَ (١٢) بالماء وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ. قيل: الرعد اسم ملك موكل بالسحاب، والصوت المسموع لنا هو صوته بالتسبيح، وقيل: هو صوت الآلة الذي يتولد عند ضرب السحاب بها،

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن اليهود سألت النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الرعد ما هو؟ فقال: «ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق- أي آلات من نار- يسوق بها السحاب حيث شاء الله» قالوا: فما الصوت الذي نسمع؟ قال: «زجره السحاب»

«١» ويقال: الرعد صوت السحاب وتسبيحه هو دلالته على وحدانية الله تعالى وفضله المستلزم لحمده وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ أي وتسبح جميع الملائكة من هيبة الله تعالى. وفي رواية عن ابن عباس: الرعد ملك موكل بالسحاب يسوقه حيث يؤمر، وأنه يحوز الماء في نقرة إبهامه وأنه يسبح الله تعالى، فإذا


(١) رواه الترمذي في كتاب التفسير، باب: تفسير سورة ١٣، وأحمد في (م ١/ ص ٢٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>