للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ

أي أنجوتم من هول البحر فأمنتم أن نغور البر بكم. جانِبَ الْبَرِّ الذي أنتم فيه ونصيركم تحت الثرى كما خسف بقارون. أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ من فوقكم حاصِباً أي ريحا ترمي حجارة كما أرسل على قوم لوط ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (٦٨) أي حافظا يحفظكم من ذلك أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ أي في البحر تارَةً أُخْرى بأسباب تلجئكم إلى أن تركبوه وإن كرهتم فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً أي كاسرا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بعد كسر فلككم في البحر بِما كَفَرْتُمْ أي بسبب إشراككم وكفرانكم لنعمة الإنجاء ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً (٦٩) أي ثائرا يطالبنا بما فعلنا بكم.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو هذه الخمسة «أن نخسف» ، «أو نرسل» ، «أن نعيدكم» ، «فنرسل» ، «فنغرقكم» بنون العظمة على سبيل الالتفات. والباقون بياء الغيبة. وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ بالصورة والقامة المعتدلة والتسلط على ما في الأرض والتمتع به والتمكن من الصناعات والعلم والنطق وتناول الطعام باليد وغير ذلك وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ على الدواب وغيرها وَالْبَحْرِ على السفن وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أي من أنواع المستلذات الحيوانية كاللحم والسمن واللبن والنباتية، كالثمار والحبوب وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا (٧٠) أي فضلناهم على غير الملائكة تفضيلا عظيما بالعقل والقوى المدركة التي يتميز بها الحق من الباطل والحسن من القبيح فحق عليهم أن يشكروا هذه النعم ويستعملوا قواهم في تحصيل العقائد الحقة

يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ أي بمن اقتدوا به.

روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه ينادى يوم القيامة: يا أمة إبراهيم، يا أمة موسى، يا أمة عيسى، يا أمة محمد، فيقوم أهل الحق الذين اتبعوا الأنبياء فيأخذون كتبهم بأيمانهم، ثم ينادي يا أتباع فرعون، يا أتباع نمروذ، يا أتباع ثمود»

. وقال الضحاك وابن زيد: أي بكتابهم الذي أنزل عليهم فينادي في القيامة يا أهل القرآن يا أهل التوراة يا أهل الإنجيل. وقال الربيع وأبو العالية والحسن: أي بكتاب أعمالهم كأن يقال: يا أصحاب كتاب الخير يا أصحاب كتاب الشر. وقيل:

بمذاهبهم فيقال: يا حنفي، يا شافعي، يا معتزلي، يا قدري، ونحو ذلك. وقرئ «يدعي كل أناس» على البناء للمفعول. فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ وهم أولو البصائر في الدنيا فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ الذي أعطوه تبجحا بما سطر فيه من الحسنات وَلا يُظْلَمُونَ أي لا ينقصون من أجور أعمالهم المكتوبة في كتبهم فَتِيلًا (٧١) أي قدر فتيل، وهو القشرة التي في شق النواة وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى أي من كان في الدنيا أعمى عما يرى من قدرة الله في خلق السموات والأرض والبحار، والجبال، والناس، والدواب، وعن الشكر عن النعم المذكورة في الآيات المتقدمة فهو في الآخرة أعمى لا يرى طريق النجاة ويستولي الخوف والدهشة على قلبه فيثقل لسانه عن قراءة كتابه. وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٧٢) من الأعمى لتعطل الآلات

<<  <  ج: ص:  >  >>