للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبات، وهي إنما تحدث من امتزاج الماء والتراب. وَفِيها نُعِيدُكُمْ، إلى الموضع الذي أخذ ترابكم منه مدفونين فيه. وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥) ، يوم البعث على الهيئة السابقة. وَلَقَدْ أَرَيْناهُ أي والله لقد بصّرنا فرعون آياتِنا كُلَّها. روي أن موسى لما ألقى عصاه انقلبت ثعبانا أشعر فاغرا فاه، بين لحييه ثمانون ذراعا، وضع لحيه الأسفل على الأرض، والأعلى على سور القصر، وتوجّه نحو فرعون، فهرب وأحدث، وانهزم الناس مزدحمين، فمات منهم خمسة وعشرون ألفا من قومه، فصاح فرعون يا موسى: أنشدك بالذي أرسلك ألا أخذته، فأخذه، فعاد عصا.

وروي أنها انقلبت حية ارتفعت في السماء قدر ميل، ثم انحطت مقبلة نحو فرعون، وجعلت تقول: يا موسى مرني بما شئت، ويقول فرعون: يا موسى أنشدك إلخ. ونزع موسى يده من جيبه، فإذا هي بيضاء بياضا نورانيا، خارجا عن حدود العادات، قد غلب شعاعه شعاع الشمس ففي تضاعيف كل من الآيتين آيات جمة، ولذلك أكدت بكلها. فَكَذَّبَ موسى عليه السلام، وَأَبى (٥٦) أن يؤمن ويطيع لعتوّه قالَ لموسى خوفا من أن يتبعه الناس: أَجِئْتَنا من مكانك الذي كنت فيه بعد ما غبت عنا، لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا مصر، بِسِحْرِكَ أي الذي هو العصا واليد البيضاء، يا مُوسى (٥٧) وليكون لك الملك فيها، فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ أي مثل سحرك في الغرابة. فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً أي وعدا لإتيانك بالسحر، لا نُخْلِفُهُ، أي ذلك الوعد، نَحْنُ وَلا أَنْتَ، ف «موعدا» مفعول أول، والظرف مفعول ثان. مَكاناً مفعول فيه منصوب ب «اجعل» ، سُوىً (٥٨) .

قرأ عاصم وحمزة وابن عامر بضم السين، أي تستوي مسافة المكان على الفريقين، والباقون بكسرها، أي غير هذا المكان الذي نحن فيه الآن. قالَ موسى: مَوْعِدُكُمْ أي أجلكم يَوْمُ الزِّينَةِ، وهو يوم النيروز، أو يوم عيد لهم، وكان يوم عاشوراء. واتفق أنه في هذه الواقعة يوم سبت. وقرأ الحسن، والأعمش، وعيسى، وعاصم، وغيرهم «يوم» بالنصب أي موعدكم يقع يوم الزينة، وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩) ، عطف على الزينة أو على يوم. فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ، أي انصرف عن المجلس وفارق موسى، فَجَمَعَ كَيْدَهُ، أي ما يكاد به من السحرة وأدواتهم، ثُمَّ أَتى (٦٠) بهم الموعد وأتى موسى أيضا.

قالَ لَهُمْ. أي لأهل الكيد، مُوسى بطريق النصيحة: وَيْلَكُمْ أي ألزمكم الله ضيقا في الدنيا، لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً، بإتيان السحر في معارضة آيات الله وبادعائكم أن الآيات التي ستظهر على يدي سحر فَيُسْحِتَكُمْ.

قرأ حفص وحمزة والكسائي بضم الياء، وكسر الحاء والبيخقون بفتحهما، أي فيهلككم، بِعَذابٍ في الدنيا بالاستئصال أو في الآخرة بالنار. وَقَدْ خابَ أي حرم عن المقصود مَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>