للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ

أي الطفل الذين لم يتصوروا عورات النساء، ولم يدروا ما هي لعدم تمييزهم- كما قاله ابن قتيبة- أو الذين لم يبلغوا أن يطيقوا إتيان النساء- كما قاله الفراء والزجاج- فيجوز أن يبدين للتابعين والأطفال ما عدا ما بين السرة والركبة. وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ أي لا يضربن الأرض بأرجلهن ليتقعقع خلخالهن فيعلم أنهن ذوات خلخال، ومن فعل ذلك منهن بحليهن فهو مكروه، ومن فعل ذلك منهن تبرجا للرجال فهو حرام مذموم. وكذلك من ضرب بنعله الأرض من الرجال إن فعل ذلك عجبا حرم، فإن العجب كبيرة وإن فعل ذلك تبرجا لم يحرم. وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١) أي توبوا من نوع تفريط في إقامة مواجب التكاليف كما ينبغي.

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: توبوا مما كنتم تفعلونه في الجاهلية لعلكم تسعدون في الدنيا والآخرة، أي فإنه وإن جب بالإسلام لكن يجب الندم عليه، والعزم على تركه كلما خطر بباله كما قال بعض العلماء: من أذنب ذنبا ثم تاب عنه لزمه كلما ذكره أن يجدد التوبة، لأنه يلزم أن يستمر على ندمه إلى أن يلقى ربه.

وقرأ ابن عامر هنا، وفي «الزخرف» ، وفي «الرحمن» بضم الهاء وصلا، ووجهه أن الهاء كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف فلما سقطت الألف لالتقاء الساكنين استثقلت الفتحة على حرف خفي، فضمت الهاء اتباعا للرسم واتباعا لحركة ما قبلها، وقد رسمت هذه الثلاثة دون ألف، فوقف أبو عمرو والكسائي بألف. والباقون بدونها ابتاعا للرسم، فالرسم سنة متبعة.

وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ أي زوجوا أيها الأولياء والسادات من لا زوج له من الأحرار والحرائر وَالصَّالِحِينَ لأمر النكاح مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ليحصن دينهم وهم الذين تنزلونهم منزلة الأولاد في المودة، وفي بذل المال والمنافع، وعدم اعتبار الصلاح في الأحرار والحرائر، لأن الغالب فيهم الصلاح لمساعدة الأولياء لهم، ولأنهم مستقلون في التصرفات المتعلقة بأنفسهم وأموالهم إِنْ يَكُونُوا أي الأحرار فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ، أي لا تنظروا إلى فقراء أحد الجانبين، الخاطب والمخطوبة، ففي فضل الله ما يغني عن المال، فإنه غاد ورائح، يرزق من يشاء من حيث لا يحتسب، وَاللَّهُ واسِعٌ أي ذو سعة لخلقه، عَلِيمٌ (٣٢) بمقادير ما يصلحهم من الرزق، يبسطه لمن يشاء ويضيق وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً أي وليجتهد في قمع الشهوة من لا يتمكنون من الوصول إلى النكاح حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أي فمن لا يتمكن من المال فليطلب العفة عن الحرام ولينتظر أن يوصله الله إلى بغيته من النكاح وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ أي والذين يطلبون المكاتبة من عبيدكم وإمائكم ليصيروا أحرارا فَكاتِبُوهُمْ أي فصيروهم أحرارا بعقد الكتابة، والاسم الموصول منصوب بفعل مقدر يفسره المذكور. إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً أي وفاء بأداء مال الكتابة، وصلاحا لا يؤذي الناس بعد العتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>