للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أي عيب وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ أي أدخل الكف اليمين التي حصل فيها البياض في جيبك، فتعود إلى حالتها، فيزول عنك الفزع الذي حصل لك.

وقيل: من أجل الخوف إذا أرهبت بها الناس.

وقال ابن عباس: إن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يضم يده إلى صدره ليذهب عنه الخوف عند معاينة الحية، فمعنى من أجل الرهب، أي إذا أصابك الخوف فافعل ذلك تجلدا وضبطا لنفسك.

وقال مجاهد: وكل من فزع فضم جناحه إليه ذهب عنه الفزع. فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ أي فالعصا واليد حجتان نيرتان، كائنتان من الله تعالى، واصلتان إلى فرعون وقومه، إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٣٢) أي خارجين عن عبودية الله، فكانوا أحقاء بأن نرسلك إليهم بهاتين المعجزتين الباهرتين. قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً- هو القبطي- فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) بمقابلتها، فيفوت المقصود بقتلي وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً أي أبين مني كلاما، فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً أي معينا.

وقرأ نافع «ردا» بتنوين الدال وحذف الهمزة، يُصَدِّقُنِي أي أرسل معي أخي حتى يعاضدني على إظهار الحجة فربما حصل المقصود من تصديق فرعون. والمراد بتصديق هارون تلخيصه بلسان فصيح وجوه الدلائل. وجوابه عن الشبهات، ومجادلته الكفار.

وقرأ عاصم وحمزة بالرفع صفة ل «ردأ» . ويروى عن أبي عمرو أيضا. والباقون بالجزم وهو المشهور عن أبي عمرو إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) بالرسالة، لأن لساني لا يطاوعني عند المحاجة بسبب العقدة التي حصلت بسبب الجمرة. قالَ الله تعالى: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ أي سنقوي ظهرك بهارون ونعين أمرك به. وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً أي غلبة بالحجة في الحال، وغلبة في المملكة في ثاني الحال. فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا. فالآية التي هي قلب العصاحية تمنع من وصول ضرر فرعون إلى موسى وهارون عليهما السلام، لأنهم إذا علموا أنه متى ألقاها صارت حية عظيمة، وإن أراد إرسالها إليهم أهلكتهم زجرهم ذلك عن الإقدام عليهما بسوء فصارت مانعة من وصولهم إليهما بالقتل وغيره. أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥) على فرعون وقومه بالبرهان: والدولة. وقوله: بِآياتِنا متعلق ب «لا يصلون» أو ب «الغالبون» فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا وهي العصا واليد، ففي كل منهما آيات عديدة بَيِّناتٍ أي واضحات الدلالة على صحة رسالة موسى من الله تعالى. قالُوا ما هذا أي الذي جئتنا به، إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً أي موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر، أو سحر كذب هو من تلقاء نفسك، لا إن الذي أظهرته معجزة صادرة من الله تعالى وإنما أنت تفتري على الله تعالى. وَما سَمِعْنا بِهذا أي الذي تدعو إليه من التوحيد والذي تدعيه من الرسالة عن الله تعالى واقعا فِي آبائِنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>