للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبرات وَالْمِسْكِينَ سواء كان ذا قرابة أم لا. وَابْنَ السَّبِيلِ أي المسافر من صدقة التطوع ذلِكَ أي المذكور من الصلة والعطية والإكرام خَيْرٌ أي ثواب في الآخرة، لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ أي يقصدون بمعروفهم جهة التقرب إليه تعالى لا جهة أخرى وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٣٨) أي الناجون من السخط وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ، أي وما أعطيتم من عطية خالية من العوض ليزيد في أموال الناس بأن تعطوا شيئا، وتطلبوا ما هو أفضل منه فليس لكم فيه أجر، وليس عليكم فيه إثم.

وقرأ نافع «لتربوا» بتاء الخطاب وسكون الواو، أي لتصيروا ذوي زيادة. وقرأ ابن كثير «وما أتيتم» بقصر الهمزة، أي وما جئتم به من إعطاء عطية. واختلف العلماء فيمن وهب وهبة يطلب عوضها وقال:

إنما أردت العوض، فإن كان مثله ممن يطلب العوض من الموهوب له، فله ذلك عند مالك رضي الله عنه وذلك كهبة الفقير للغني، وهبة الخادم لصاحبه، وهبة الشخص لمن فوقه ولأميره. وقال أبو حنيفة: لا يكون له عوض إذا لم يشترط. وهذان القولان جاريان للشافعي رضي الله عنهم. وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩) أي وما أعطيتم من صدقة تطوع إلى المساكين تبتغون وجهه تعالى، فأولئك هم الذين أضعفت صدقاتهم في الآخرة بكثرة الثواب، ويحفظ أموالهم في الدنيا وبالبركة لها اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ نسما في بطون أمهاتكم، ثم أخرجكم وفيكم الروح ثُمَّ رَزَقَكُمْ إلى الموت ثُمَّ يُمِيتُكُمْ عند انقضاء مدتكم ثُمَّ يُحْيِيكُمْ للبعث بعد الموت، هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ أي هل من آلهتكم يا أهل مكة من يقدر أن يفعل من ذلك شيئا؟ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠) أي لا تصفوه تعالى بالإشراك.

وقرأ حمزة والكسائي بتاء الخطاب

ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ أي تبين الفساد في البر والبحر كالجدب وكثرة الحرق، والغرق، وموت دواب البر والبحر، وقلة اللؤلؤ بسبب كسب الناس المعاصي.

قال الضحاك: كانت الأرض خضرة مونقة لا يأتي ابن آدم شجرة إلا وجد عليها ثمرة، وكان ماء البحر عذبا، وكان لا يقصد الأسد البقر والغنم، فلما قتل قابيل هابيل اقشعرت الأرض وشاكت الأشجار، وصار ماء البحر ملحا زعاقا «١» ، وقصد الحيوانات بعضها بعضا، لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا أي بعض جزاء الذين عملوا، فإن تمامه في الآخرة.

وقرأ قنبل «لنذيقهم» بالنون لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) عما كانوا عليه قُلْ يا محمد لأهل مكة: سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كقوم ونوح وعاد وثمود ليشاهدوا


(١) الزعاق: بضم الزاي: الماء المرّ والكثير الملح الذي لا يطاق شربه [القاموس المحيط، مادة: زعق. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>