للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثارهم كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢) ، وكان بعض الهلاك بغير الشرك كالفسق ومخالفة الأمر فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ. قال الزجاج: أي أقم صدرك واجعل وجهك اتباع دين الإسلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ متعلق ب «يأتي» أو ب «مرد» ، أي لا يقدر أحد على رده من الله تعالى، ولا يرده الله تعالى لتعلق إرادته تعالى بمجيئه يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) أي يوم إذ يأتي ذلك اليوم يتفرقون: فريق في الجنة، وفريق في السعير. مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ أي من كفر بالله فعليه عقوبة كفره وهو خلوده في النار وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) أي ومن عمل صالحا في الإيمان فيفرشون منازلهم في الجنة لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ، والجار والمجرور متعلق ب «يمهدون» أو ب «يصدعون» ، أي يتفرقون بتفريق الله تعالى فريقين ليجزي الله كلا منهما بحسب أعمالهم إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٤٥) أي يعاقبهم. وَمِنْ آياتِهِ الدالة على وحدانيته تعالى وقدرته أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ لخلقه بالمطر وبصلاح الأهوية، والأحوال، فإن الرياح لو لم تهب لظهر الوباء والفساد، فرياح الرحمة: هي الشمال، والصبا، والجنوب. وأما الدبور فهي ريح العذاب وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وهي المنافع التابعة للرياح وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ أي السفن بسوقها بِأَمْرِهِ أي بمشيئته في البحر وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ بتجارة البحر وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٤٦) نعمة الله فيما ذكر لَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ

يا أكرم الرسل سُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ

أي جاء كل رسول قومه بما يخصه من البينات كما جئت قومك ببيناتك فكذبوهم، انْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا

أي أهلكنا الذين كذبوهم، كانَ حَقًّا

أي واجبالَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

(٤٧) أي وكان الانتقام حقا، فلم يكن ظلما، ثم استأنف الله بقوله تعالى: لَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ

، وهذا بشارة لمن آمنوا بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ويقال نصر المؤمنين: كان واجبا علينا وهذا تأكيدا لبشارة، لأن كلمة «على» تفيد معنى اللزوم فإذا قال حقا أكد ذلك المعنى، والنصر: هو الغلبة التي لا تكون عاقبتها وخيمة والكافر إن هزم المسلم في بعض الأوقات لا يكون ذلك نصرة إذ لا عاقبة له. اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً أي فترفع سحابا ثقالا بالمطر الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ أي فينشر الله السحاب كمال الانتشار متصلا بعضه ببعض تارة في جو السماء كيف يشاء، سائرا، وواقفا، ومطبقا، وغير مطبق وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً أي ويجعل الله السحاب قطعا تارة أخرى فَتَرَى الْوَدْقَ أي المطر يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ أي من خلال السحاب فَإِذا أَصابَ أي الله بِهِ أي بالودق مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أي أراضيهم، إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (٤٨) أي يفرحون بمجيء الخصب وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (٤٩) ، أي وإن الشأن كانوا من قبل أن ينزل عليهم المطر من قبل الاستبشار لآيسين من المطر، فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ من النبات والأشجار والثمار، فالرحمة: هي المطر، وأثرها هو النبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>