للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُؤْمِنُونَ

، أي امتحنهم الله فتميز الصادق عن المنافق وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً (١١) ، أي حركوا تحريكا شديدا من الهول والفزع،

وكانت غزوة الأحزاب في شوال سنة أربع وسببها أنه لما وقع إجلاء بني النضير من أماكنهم سار منهم جمع من أكابرهم منهم سيدهم حيي بن أخطب إلى أن قدموا مكة على قريش فحرضوهم على حرب رسول الله وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله فقال أبو سفيان: مرحبا وأهلا، وأحب الناس إلينا من أعاننا على عداوة محمد، ثم خرج أولئك اليهود حتى جاءوا غطفان، وقيس، وغيلان، فطلبوهم لحرب محمد، فأجابوهم، فخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان، وخرجت غطفان وقائدهم عيينة بن حصن، فلما سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بإقبالهم شرع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حفر الخندق بإشارة سلمان الفارسي، وكان النبي يقطع لكل عشرة أربعين ذراعا، فلما فرغوا من حفرة أقبلت قريش والقبائل وجملتهم اثنا عشر ألفا، فنزلوا حول المدينة حتى نزلوا إلى جانب أحد، وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب هناك عسكره والخندق بينه صلّى الله عليه وسلّم وبين القوم، وأمر بالذراري والنساء، فرفعوا في الآطام، فلما رأت قريش الخندق قالوا: هذه مكيدة لم تكن العرب تعرفها، فشرعوا يترامون مع المسلمين بالنبل، ومكثوا في ذلك الحصار أربعة وعشرين يوما فاشتد على المسلمين الخوف فبعث الله عليهم ريحا في ليلة شديدة البرد والظلمة، فقلعت بيوتهم، وقطعت أطنابهم، وكفأت قدورهم، وصارت تلقي الرجل على الأرض، وأرسل الله الملائكة، فزلزلتهم ولم تقاتل بل نفثت في قلوبهم الرعب، فلما رأى أبو سفيان ما تفعل الريح قام فقال: يا معشر قريش ليستعرف كل منكم جليسه واحذروا الجواسيس. ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش والله إنكم لستم بدار مقام، ولقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من هذه الريح ما ترون، فارتحلوا، فإني مرتحل. ووثب على جمله وشرع القوم يقولون الرحيل الرحيل والريح تقلبهم على بعض أمتعتهم وتضربهم بالحجارة ولم تجاوز عسكرهم ورحلوا وتركوا ما استثقلوه من متاعهم وحين انجلى الأحزاب قال صلّى الله عليه وسلّم: «الآن نغزوهم ولا يغزونا»

. وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي ضعف اعتقاد ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ من إعلاء الدين إِلَّا غُرُوراً (١٢) ، أي إلا وعد غرور أي قال معتب بن قشير وأصحابه: يعدنا محمد بفتح كنوز كسرى وقيصر والحال أننا لا نقدر أن نخرج للغائط خوفا، وما هذا إلا وعد غرور. وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ هم أوس بن قيظي من رؤساء المنافقين وأتباعه.

وقال السدي: هم عبد الله بن أبيّ وأصحابه. يا أَهْلَ يَثْرِبَ هو اسم المدينة المطهرة لا مُقامَ لَكُمْ أي لا وجه لإقامتكم مع محمد فَارْجِعُوا عن محمد واتفقوا مع الأحزاب تخرجوا من الأحزان وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ أي يستأذن النبي في الرجوع إلى المدينة فريق من

<<  <  ج: ص:  >  >>