للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مبتدأ وخبر مؤكدة لنفي العزوب، أما على قراءة الفتح في «أصغر» و «أكبر» فهو اسم «لا» ، والخبر إلّا في كتاب لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ.

وهذا علة لقوله تعالى: لَتَأْتِيَنَّكُمْ. أُولئِكَ الموصوفون بالصفات الجليلة لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لما فرط منهم وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤) فإن الرزق يأتي من غير طلب بخلاف رزق الدنيا فإنه ما لم يتسبب فيه لا يأتي، ثم إن المغفرة جزاء الإيمان فكل مؤمن مغفور كما

في حديث البخاري: «يخرج من النار من قال لا إله إلّا الله وفي قلبه وزن ذرة من إيمان والرزق الكريم جزاء العمل الصالح»

. وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا بالإبطال أي كذبوها مُعاجِزِينَ أي متأخرين.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «معجزين» بتشديد الجيم، وبغير ألف بعد العين أي مريدين التعجيز، أو ظانين أنهم يفوتون الله، أو مثبطين عن الإيمان من أراده أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ، أي من جنس سوء العذاب أَلِيمٌ (٥) أي شديد.

وقرأ ابن كثير وحفص بالرفع صفة ل «عذاب» والباقون بالجر صفة ل «رجز» . وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ، أي ويعلم أولو العلم من أصحاب رسول الله ومن علماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وكعب وأضرابهما. الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ أي القرآن هُوَ الْحَقَّ بالنصب على أنه مفعول ثان، وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦) الذي هو التوحيد. وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أبو سفيان وأصحابه للسفلة: هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ أي يحدثكم بعجب عجاب إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٧) أي إنكم

تنشأون خلقا جديدا بعد أن تفرقت أجسادكم كل تفريق بحيث تصير ترابا، ويقصدون بذلك الرجل سيدنا محمدا صلّى الله عليه وسلّم، أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أي أهو الرجل تعمد على الله كذبا، إن كان يعتقد خلاف أخباره بأنهم يبعثون أَمْ بِهِ جِنَّةٌ أي إما فيه جنون إن كان لا يعتقد خلافه وهذا إما من تمام القائل أو لا أو من كلام السامع المجيب لذلك القائل. قال الله تعالى جوابا بالتردد مناديا عليهم بسوء حالهم: بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أي بالبعث بعد الموت والجزاء على الأعمال فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ (٨) ، لأن من يسمي المهتدي ضالا يكون هو الضال، ومن يسمي الهادي ضالا يكون أضل أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، أي أفعلوا ما فعلوا من المنكر فلم ينظروا إلى ما أحاط بهم من جميع جوانبهم فذلك يدل على وحدانية الله وكمال قدرته، وذلك دليل على الإعادة إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ كما خسفناها بقارون وأصحابه أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً، أي قطعا مِنَ السَّماءِ كما أسقطناها على أصحاب الأيكة لاستحقاقهم ذلك.

وقرأ حفص بفتح السين. والباقون بسكونها. وقرأ حمزة والكسائي «إن يشأ يخسف» ، «أو يسقط» بالياء في الثلاثة إِنَّ فِي ذلِكَ أي المحيط بالناظر من جميع الجوانب لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٩) ، أي لكل من يرجع إلى الله ويترك التعصب تدل على قدرة الله على إحياء الموتى،

<<  <  ج: ص:  >  >>