للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كونه واحدا في حقيقته وكونه واحدا في حقيقته يمنع من ثبوت الولد فثبت أن كونه واحدا يمنع من ثبوت الولد، ثم إن كونه تعالى قهار يمنع من ثبوت الولد له فلأن المحتاج إلى الولد هو الذي يموت ويحتاج إلى من يقوم مقامه، لأنه يكون مقهورا بالموت، أما الذي يكون قاهرا لا يموت كان الولد في حقه محالا. وقوله: هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ألفاظ مشتملة على دلائل قاطعة في نفي الولد عن الله تعالى خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ، أي ملتبسة بالصواب مشتملة على الحكم والمصالح يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ، أي يغشى كل واحد منهما الآخر ويزيد كل واحد منهما بقدر ما ينقص الآخر، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ أي جعلهما منقادين لأمره تعالى، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أي كل منهما يجري في فلكه لمنتهى دورته، أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٥) أي إن خلق هذه الإجرام العظيمة دليل على كمال القدرة فهو يوجب الخوف والرهبة إلّا أنه تعالى غفار، فكونه تعالى غفارا دليل على كثرة رحمته فهي توجب الرجاء والرغبة، خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ خلقها وهي نفس آدم وحدها، ثُمَّ جَعَلَ مِنْها أي من تلك النفس، زَوْجَها حواء خلقها من ضلع من أضلاعه القصرى وَأَنْزَلَ لَكُمْ أي أحدث لكم بأسباب نازلة من السماء، كالأمطار وأشعة الكواكب مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ أي أفراد من الإبل، اثنين ذكر وأنثى. ومن البقر اثنين ومن الضأن اثنين ومن المعز اثنين، يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ، أي حيوانا سويا من بعد عظام مكسوة لحما من بعد عظام عارية، من بعد مضغ، من بعد علق، من بعد نطف، فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ البطن والرحم والمشيمة، ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ أي ذلكم الذي عرفتم عجائب أفعاله هو الله المربي لكم، بالخلق والرزق، فهو المستحق لعبادتكم، لَهُ الْمُلْكُ في الدنيا والآخرة ليس لغيره شركة في ذلك لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، أي لا معبود للخلق أجمعين إلّا الله، فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦) أي فكيف تصرفون عن عبادة الله تعالى مع وفور دواعيها إلى عبادة غيره تعالى من غير داع إليها، إِنْ تَكْفُرُوا به تعالى فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ، أي فاعلموا أن الله تعالى ما كلف المكلفين ليجر إلى نفسه منفعة، أو ليدفع عن نفسه مضرة، لأن الله تعالى غني عن إيمانكم وشرككم، وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ أي وإن كان لا ينفعه تعالى إيمان ولا يضره كفر، إلّا أنه لا يرضى بالكفر وَإِنْ تَشْكُرُوا بأن تقروا باللسان بحصول النعمة، وتعتقدوا صدور النعمة من الله تعالى، وتعملوا الصالحات بجوارحكم يَرْضَهُ لَكُمْ أي يرضى الشكر لأجل منفعتكم، لأنه سبب لفوزكم بسعادة الدارين لا لانتفاعه تعالى به.

وقرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر، وعاصم، وحمزة بضم الهاء مختلسة.

وقرأ أبو عمرو وحمزة في بعض الروايات ساكنة الهاء للتخفيف. وقرأ نافع في بعض الروايات وابن عامر والكسائي، وابن ذكوان، والدوري مضمومة الهاء مشبعة. وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أي لا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس أخرى، فكل مأخوذ بذنبه. وهذا بيان

<<  <  ج: ص:  >  >>