للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشركاء. و «كذب» بتخفيف الذال، وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ أي بالأمر الذي هو نفس الصدق وهو ما جاء النبي صلّى الله عليه وسلّم: من لا إله إلّا الله والقرآن وغير ذلك. إِذْ جاءَهُ أي في أول مجيء ذلك الأمر من غير تدبر فيه أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (٣٢) ، أي لهؤلاء الذين افتروا على الله وسارعوا إلى تكذيب الصدق من أول الأمر، وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ أي بعين الحق وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) ، أي المنعوتون بالتقوى، والموصول عبارة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والذي صدّق بنفس الصدق هو أبو بكر. وهذا القول مروي عن علي بن أبي طالب، وجماعة من المفسرين.

وقيل: المراد من الموصول كل من جاء بالصدق، وهم الأنبياء والذي صدق به الأتباع، ويؤيد هذا القول قراءة ابن مسعود رضي الله عنه، والذي جاءوا بالصدق وصدقوا به.

وقرئ «وصدق به» بتخفيف الدال، أي صدق الرسول بذلك الصدق الذي هو بمعنى القرآن الناس، ولم يكذبهم بأن أداه إليهم كما نزل عليه من غير تحريف.

وقيل: صار الرسول صادقا بسبب الصدق الذي هو القرآن، لأنه معجزة، وهي تصديق من الله تعالى، فيصير المدعي للرسالة صادقا بسبب تلك المعجزة.

وقرئ وصدق به على البناء للمفعول، أي صدق الرسول بالقرآن، لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي لهم كل ما يشاءونه من جلب المنافع ودفع المضار في الآخرة لا في الجنة فقط لما أن بعض ما يشاءونه من تكفير السيئات والأمن من الفزع الأكبر، وسائر أهوال القيامة، إنما يقع قبل دخول الجنة، ذلِكَ أي حصول ما يشاءونه جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) أي الذين أحسنوا أعمالهم لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا أي أقبح أعمالهم دفعا لمضارهم وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أي بإحسانهم، إعطاء لمنافعهم. والمراد أنهم إذا صدقوا الأنبياء عليهم السلام فيما أتوا فإن الله يكفر عنهم أسوأ أعمالهم- وهو الكفر السابق على ذلك الإيمان- ويوصل إليهم أحسن أنواع الثواب. وقوله تعالى: لِيُكَفِّرَ اللَّهُ بمتعلق بقوله تعالى: لَهُمْ ما يَشاؤُنَ، باعتبار فحواه حيث كان إخبارا بما سيثبت لهم فيما سيأتي، وهو في معنى الوعد كأنه قيل وعدهم الله جميع ما يشاءونه من زوال المضار وحصول المسار، ليكفر عنهم بموجب ذلك الوعد أسوأ الذي عملوا إلخ. أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم- كما قال السدي- ويقال: هو خالد بن الوليد مما يريدون به.

وقرأ حمزة والكسائي «عباده» ، وهم الأنبياء عليهم السلام، فإن قومهم قصدوهم بسوء لقوله تعالى: وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ [غافر: ٥] ودخول همزة الإنكار على

كلمة النفي تفيد معنى إثبات الكفاية، أي هو كاف عبده وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ تعالى، وهم اللات والعزى ومناة أي إن قريشا يقولون لك: يا محمد لا تشتمها ولا تعبها فتخبلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>