للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمور، فتجمَّع كثير من العساكر، وساقوا إلى الصعيد، وتجمعوا مع العبيد، وجاءوا إلى الجيزة، فالتقوا هم والأتراك عدة أيام، ثم عبر الأتراك إليهم النيل مع ناصر الدولة بن حمدان، فهزموا العبيد.

ثم إنهم كاتبوا أم المستنصر واستمالوها، فأمرت مَنْ عندها من العبيد بالفتك بالمقدمين، ففعلوا ذلك، فهرب ناصر الدولة، والتفت عليهم الترك، فالتقوا، ودامت الحرب ثلاثة أيام بظاهر مصر، وحلف ابن حمدان لا ينزل عن فرسه ولا يذوق طعامًا حتى ينفصل الحال، فظفر بالعبيد، وأكثر القتل فيهم، وزالت دولتهم بالقاهرة، وأخذت منهم الإسكندرية، وخلت الدولة للأتراك، فطمعوا في المستنصر، وقلَّت هيبته عندهم، وخلت خزائنه البتة.

وطلب ابن حمدان العروض، فأخرجت إليهم، وقومت بأبخس ثمن، وصرفت إلى الجند، فقيل: إن نقد الأتراك كان في الشهر أربعمائة ألف دينار.

تغلب العبيد على ابن حمدان:

وأمَّا العبيد فغلبوا على الصعيد، وقطعوا السبل، فسار إليهم ابن حمدان، ففروا منه إلى الصعيد الأعلى، فقصدهم وحاربهم، فهزموه، وجاء الفَلُّ إلى القاهرة، ثم نُصِر عليهم وعظم شأنه، واشتدت وطأته، وصارحوا الكُلّ، فحسده أمراء الترك لكثرة استيلائه على الأموال، وشكوه إلى الوزير، فقوى نفوسهم عليه وقال: إنما ارتفع بكم.

فعزموا على مناجزته، فتحوَّل إلى الجيزة، فنهبت دوره ودور أصحابه، وذلَّ وانحلَّ نظامه.

انكسار ابن حمدان أمام المستنصر:

فدخل في الليل إلى القائد تاج الملوك شاذي واستجار به، وحالفه على قتل الأمير إِلْدِكْز، والوزير الخطير، فركب إِلْدِكْز فقتل الوزير، ونجا إلدكز، وجاء إلى المستنصر فقال: إن لم تركب وإلا هلكت أنت ونحن، فركب في السلاح، وتسارع إليه الجند والعوام، وعبى الجيش، فحملوا على ابن حمدان فانكسر واستحر القتل بأصحابه.