للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حوادث سنة ثمان وستين: المتوفون في هذه السنة]

تُوُفِّيَ فِيهَا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيُّ، وَأَبُو وَاقِدٍ اللَّيْثِيُّ، وَمَلِكُ الرُّومِ قُسْطَنْطِينُ بْنُ قُسْطَنْطِينَ، لَعَنَهُ اللَّهُ.

وَتُوُفِّيَ فِيهَا فِي قَوْلٍ: زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ.

وَفِيهَا: عَزَلَ ابْنُ الزُّبْيَرِ أَخَاهُ مُصْعَبًا عَنِ الْعِرَاقِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهَا وَلَدَه حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ جَابِرَ بن الأسود الزهري، فأراد من سعيد ابن الْمُسَيِّبِ أَنْ يُبَايِعَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَامْتَنَعَ، فَضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطًا. كَذَا قَالَ خَلِيفَةُ.

وَقَالَ الْمُسَبِّحِيُّ: عَزَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، لِكَوْنِهِ ضرب سعيد بْنَ الْمُسَيِّبِ سِتِّينَ سَوْطًا فِي بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَامَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ وَعَزَلَهُ.

وَفِيهَا: كَانَ مَرْجِعُ الْأَزَارِقَةِ مِنْ نَوَاحِي فَارِسٍ إِلَى الْعِرَاقِ، حَتَّى قَارَبُوا الْكُوفَةَ وَدَخَلُوا الْمَدَائِنَ، فَقَتَلُوا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، وَعَلَيْهِمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْمَاحُوزِ، وَقَدْ كَانَ قَاتَلَهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ بِسَابُورَ، وَصَاحَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِأَمِيرِهِمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، الْمُلَقَّبُ بِالْقُبَاعِ، وَقَالُوا: انْهَضْ، فَهَذَا عَدُوٌّ لَيْسَتْ لَهُ تُقْيَةٌ، فَنَزَلَ بِالنُّخَيْلَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ فَقَالَ: قَدْ سَارَ إِلَيْنَا عَدُوٌّ يَقْتُلُ الْمَرْأَةَ وَالْمَوْلُودَ، وَيُخَرِّبُ الْبِلَادَ، فَانْهَضْ بِنَا إِلَيْهِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَنَزَلَ دَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَأَقَامَ أَيَّامًا حَتَّى دَخَلَ شَبَثُ بْنُ رِبعِيُّ، فَكَلَّمَهُ بِنَحْوِ كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَارْتَحَلَ وَلَمْ يَكَدْ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ بُطْءَ سَيْرِهِ رَجَزُوا فَقَالُوا:

سَارَ بِنَا الْقُبَاعُ سَيْرًا نُكْرًا ... يَسِيرُ يَوْمًا وَيُقِيمُ شَهْرًا

فَأَتَى الصَّرَاةَ، وَقَدِ انْتَهَى إِلَيْهَا الْعَدُوُّ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ سَارُوا إِلَيْهِمْ، قَطَعُوا الْجِسْرَ، فَقَالَ ابْنُ الْأَشْتَرِ لِلْحَارِثِ الْقُبَاعِ: انْدُبْ مَعِي النَّاسَ حَتَّى أعبر إلى هؤلاء الكلاب، فأجيئك برؤوسهم السَّاعَةَ، فَقَالَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيُّ، وَأَسْمَاءُ بْنُ خَارِجَةَ، دَعْهُمْ فَلْيَذْهَبُوا، لَا تَبْدَأُوهُمْ بِقِتَالٍ، وَكَأَنَّهُمْ حَسَدُوا ابْنَ الْأَشْتَرِ.

قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ عَمِلَ الْجِسْرَ، وَعَبَرَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ فَطَارُوا حَتَّى أَتَوْا الْمَدَائِنَ، فَجَهَّزَ خَلْفَهُمْ عَسْكَرًا، فَذَهَبُوا إِلَى إِصْبَهَانَ، وَحَاصَرُوهَا شَهْرًا، حَتَّى أَجْهَدُوا أَهْلَهَا، فَدَعَاهُمْ مُتَوَلِّيهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ، وَخَطَبَهُمْ وَحَضَّهُمْ عَلَى مُنَاجَزَةِ١ الْأَزْارِقَةِ، فَأَجَأَبُوهُ، فَجَمَعَ النَّاسَ وَعَشَّاهُمْ وَأْشَبَعَهُمْ، وَخَرَجَ بِهِمْ سَحَرًا، فَصَبَّحُوا الْأَزَارِقَةَ بَغْتَةً، وَحَمَلُوا حَتَّى وَصَلُوا إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْمَاحُوزِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عِصَابَتِهِ، فَانْحَازَتِ الْأَزَارِقَةُ إِلَى قَطَريِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ، فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، فَرَحَلَ بِهِمْ، وَأَتَى نَاحِيَةَ كِرْمَانَ، وَجَمَعَ الْأَمْوَالَ وَالرِّجَالَ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْأَهْوَازِ، فَسَيَّرَ مُصْعَبَ لِقِتَالِهِمْ، لَمَّا أَكْلَبُوا النَّاسَ، الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ، فَالْتَقَوْا بِسُولَافَ٢ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَدَامَ الْقِتَالُ ثمانية أشهر.


١ مناجزة: محاربة.
٢ اسم قرية من قرى خوزستان بخراسان. كما في معجم البلدان "٣/ ٢٨٥".