للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَقْتُولٌ، فَلا يَشْتَدُّ حُزْنُكِ، وَسَلِّمِي لِأَمْرِ اللَّهِ، في كلام طويل بينهما١.

وقال: وجعل الزُّبَيْرِ يَحْمِلُ فِيهِمْ كَأَنَّهُ أَسَدٌ فِي أَجَمَةٍ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَيَقُولُ:

لَوْ كَانَ قِرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهُ

وَبَاتَ لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ سَابِعَ عَشْرَ جُمَادَى الأُولَى وَقَد أَخَذَ عَلَيْهِ الْحَجَّاجُ بِالأَبْوَابِ، فَبَاتَ يُصَلِّي عَامَّةَ اللَّيْلِ، ثُمَّ احْتَبَى بِحَمَائِلِ سَيْفِهِ فَأَغْفَى، ثُمَّ انْتَبَهَ بِالْفَجْرِ، فَصَلَّى الصُّبْحَ فَقَرَأَ: {نْ وَالْقَلَمِ} [القلم: ١] حَرْفًا حَرْفًا، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَأَوْصَى بِالثَّبَاتِ.

ثُمَّ حَمَلَ حَتَّى بَلَغَ الْحَجُونَ، فَأُصِيبَ بِآجُرَّةٍ فِي وَجْهِهِ شَجَّتَهُ، فَقَالَ:

وَلَسْنَا عَلَى الأَعْقَابِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا تَقْطُرُ الدِّمَا

ثُمَّ تَكَاثَرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَبُعِثَ بِرَأْسِهِ، وَرَأْسَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَعُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى الشَّامِ بَعْدَ أَنْ نُصِبُوا بِالْمَدِينَةِ.

وَاسْتُوسِقَ٢ الأَمْرُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْحَرَمَيْنِ الْحَجّاجَ بْنَ يُوسُفَ، فَنَقَضَ الْكَعْبَةَ الَّتِي مِنْ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَتْ تَشَعَّثَتْ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ، وَانْفَلَقَ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الْمَنْجَنِيقِ فَشَعَّبُوهُ، وَبَنَاهَا الْحَجَّاجُ عَلَى بِنَاءِ قُرَيْشٍ وَلَمْ يَنْقُضْهَا إِلا مِنْ جِهَةِ الْمِيزَابِ، وَسَدَّ الْبَابَ الَّذِي أَحْدَثَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَكَانِ.

وَفِيهَا: غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ قَيْسَارِيَّةَ وَهَزَمَ الرُّومَ.

وَفِيهَا: سَارَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ فِي نَحْوِ عَشَرَةِ آلافٍ لِحَرْبِ أَبِي فُدَيْكٍ، فَالْتَقَوْا، فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ أَخُوهُ عُمَرُ بْنُ مُوسَى. فَانْكَسَرَتِ الْمَيْسَرَةُ، وَأُثْخِنَ أَمِيرُهَا بِالْجِرَاحِ، وَأَخَذَهُ الْخَوَارِجُ فَأَحْرَقُوهُ، فِي الْحَالِ، ثُمَّ تَنَاخَى الْمُسْلِمُونَ وَحَمَلُوا حَتَّى اسْتَبَاحُوا عَسْكَرَ الْخَوَارِجِ، وَقُتِلَ أَبُو فُدَيْكٍ وَحَصَرُوهُمْ فِي الْمُشَقِّرِ، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى الْحَكَمِ فَقُتِلَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ مِنْهُمْ نَحْوَ سِتَّةِ آلافٍ، وَأُسِرَ ثَمَانِمِائَةٍ.

وَكَانَ أَبُو فُدَيْكٍ قَدْ أَسَرَ جَارِيَةَ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَصَابُوهَا وَقَدْ حَبِلَتْ مِنْ أَبِي فُدَيْكٍ.

وَفِيهَا: عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ خَالِدًا عَنِ الْبَصْرَةِ وَأَضَافَهَا إِلَى أَخِيهِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ.

وَاسْتَعْمَلَ عَلَى خُرَاسَانَ بُكَيْرَ بن وشاح٣.


١ انظر السابق.
٢ استوسق: استتب أو اشتد أو اجتمع له.
٣ انظر: تاريخ الطبري "٦/ ١٩٤".