للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحداث سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ:

فِيهَا مَاتَ بُكَيْرُ بْنُ عبد اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَلَى قَوْلِ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ, وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَسَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ بِوَاسِطَ. وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ. وَيَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ، وَأَبُو هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ يَحْيَى. وَالزُّبَيْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ.

وَوُلِدَ فِيهَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ وَفِيهَا: خَرَجَ بِأَرْضِ الْمَغْرِبِ مَيْسَرَةُ الْحَقِيرُ وَعَبْدُ الأَعْلَى مَوْلَى مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ مُتَعَاضِدَيْنِ، وَمَعَهُمَا خَلائِقُ مِنَ الصُّفْرِيَّةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ, فَعَسْكَرَ لِمُلَتَقَاهُمْ مُتَوَلِّي أَفْرِيقِيَّةَ فَكَانَ الْمَصَافُّ بَيْنَهُمْ فَاسْتَظْهَرَ وَالِي أَفْرِيقِيَّةَ لَكِنْ قُتِلَ ابْنُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَبْحَابِ. ثُمَّ إِنَّهُ جَهَّزَ جَيْشًا عَلَيْهِمْ أَبُو الأَصَمِّ خَالِدٌ فَالْتَقَوْا فَقُتِلَ أَبُو الأَصَمِّ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأَشْرَافِ فِي آخِرِ السَّنَةِ.

وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُ الصُّفْرِيَّةِ، وَبَايَعُوا بِالْخِلافَةِ الشَّيْخَ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ الْهَوَّارِيَّ فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ قُتِلَ وَجَرَتْ حُرُوبٌ مُهَوِّلَةٌ وَقُتِلَ الْمُسْلِمُونَ وَعَظُمَ الْخَطْبُ وَكَانَتْ سَنَةً وَأَيَّ سَنَةٍ.

وَكَانَ الأَمِيرُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ قَدْ جَهَّزَ حَبِيبَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عُقْبَةَ الْفِهْرِيَّ غَازِيًا إِلَى جَزِيرَةِ صَقَلِّيَّةَ فَقَدِمَ مَعَهُ وَلَدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَى طَلائِعِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَحَدَ الأَبْطَالِ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَحَدٌ وَظَفَرَ ظَفَرًا مَا سَمِعَ بِمِثْلِهِ قَطُّ وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى أَكْبَرِ مَدَائِنَ صَقَلِّيَّةَ، وَهِيَ مَدِينَةُ سَرْقُوسَةُ فَقَابَلُوهُ فَهَزَمَهُمْ، وَهَابَتْهُ النَّصَارَى وَذَلُّوا لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ.

وَكَانَ وَالِدُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَبْحَابِ قَدِ اسْتَعْمَلَ عَلَى طَنْجَةَ وَمَا يَلِيهَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُرَادِيَّ فَظَلَمَ وَعَسَفَ وَأَسَاءَ السِّيرَةَ فِي الْبَرْبَرِ فَثَارُوا وَاغْتَنَمُوا غَيْبَةَ الْعَسَاكِرِ، وَتَدَاعَتْ عَلَى عُمَرَ الْقَبَائِلُ وَعَظُمَ الشَّرُّ. وَهَذِهِ أَوَّلُ فِتْنَةٍ كَانَتْ بِالْمَغْرِبِ بَعْدَ تَمْهِيدِ الْبِلادِ فَأَمَّرَتِ الْبَرْبَرُ عَلَيْهِمْ مَيْسَرَةَ الْحَقِيرَ فَأَسْرَعَ حَبِيبُ الْفِهْرِيُّ الْكَرَّةَ مِنْ صَقَلِّيَّةَ فَالْتَقَى هُوَ وَمَيْسَرَةُ, فَكَانَتْ مَلْحَمَةٌ هَائِلَةٌ فاستظهر ميسرة.

ثم إن البرب أَنْكَرَتْ سُوءَ سِيرَةِ مَيْسَرَةَ وَتَغَيَّرُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَأَمَّرُوا عَلَيْهِمْ خَالِدَ بْنَ حُمَيْدَةَ الزَّنَاتِيَّ فَأَقْبَلَ بِهِمْ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ, فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَسْكَرِ الإِسْلامِ مَلْحَمَةٌ مَشْهُورَةٌ قُتِلَ فِيهَا خَالِدُ الزَّنَاتِيُّ، وَسَائِرُ مَنْ مَعَهُ, وَذَهَبَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ فِرْسَانِ الْعَرَبِ وَلِهَذَا سُمِّيَتْ غَزْوَةَ الأَشْرَافِ.

وَمَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ وَقَوِيَتِ الْخَوَارِجُ. وَعَمَدَ النَّاسُ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَبْحَابِ فَعَزَلُوهُ فَغَضِبَ الْخَلِيفَةُ هِشَامُ لَمَّا بَلَغَهُ وَتَنَمَّرَ، وَبَعَثَ عَلَى المغرب كلثوم بن عياض القشيري.