للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَعُفَ ضَعُفْنَا، إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ، يَعْنِي الأَمِينَ، قَدْ أَلْقَى بِيَدِهِ إِلَى الأُمَّةِ الْوَكْعَاءَ، يُشَاوِرُ النِّسَاءَ وَيَعْتَرِضُ عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَقَدْ أَمْكَنَ مَسَامِعَهُ مِنَ اللَّهْوِ وَالْجَسَارَةِ فَهُمْ يُكَبِّدُونَهُ الظَّفَرَ. وَالْهَلاكُ أَسْرَعُ إِلَيْهِ مِنَ السَّيْلِ إِلَى قِيعَانِ الرَّمْلِ، وَقَدْ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ نَهْلِكَ بِهَلاكِهِ، وَنَعْطَبُ بِعَطَبِهِ، وَأَنْتَ فَارِسُ الْعَرَبِ وَابْنُ فَارِسِهَا، قَدْ فَزِعَ إِلَيْكَ فِي لِقَاءِ هَذَا الرَّجُلِ، وَأَطْمَعَهُ فِيمَا قَبْلَكَ أَمْرَانِ. أَمَّا أَحَدَهُمَا فَصِدْقُ طَاعَتِكَ وَفَضْلُ نَصِيحَتِكَ، وَالثَّانِي يُمْنُ نَقِيبَتِكَ وَشِدَّةُ بَأْسِكَ. وَقَدْ أَمَرَنِي بِإِزَاحَةِ عِلَّتِكَ وَبَسْطِ يَدِكَ فِيمَا أَحْبَبْتَ، فَعَجِّلِ الْمُبَادَرَةَ إِلَى عَدُوِّكَ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُوَلِّيَكَ اللَّهُ تَعَالَى شَرَفَ هَذَا الْفَتْحِ، ويلم بك شَعَثَ هَذِهِ الْخِلافَةِ.

أَسَدُ بْنُ يَزِيدَ يَطْلُبُ نَفَقَةَ سَنَةٍ لِجُنْدِهِ:

فَقُلْتُ: أَنَا لِطَاعَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُقْدِمٌ، وَلِكُلِّ مَا أَدْخَلَ الْوَهَنَ وَالذُّلَّ عَلَى عَدُوِّهِ حَرِيصٌ. غَيْرَ أَنَّ الْمُحَارِبَ لا يَعْمَلُ بِالْغَدْرِ، وَلا يَفْتَتِحُ أَمْرَهُ بِالتَّقْصِيرِ وَالْخَلَلِ. وَإِنَّمَا مِلاكُ الْمُحَارِبِ الْجُنُودُ، وَمِلاكُ الْجُنُودِ الْمَالُ. وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ مَلأَ فِي أَيْدِي مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْعَسْكَرِ، وَتَابَعَ عَلَيْهِمْ بِالأَرْزَاقِ وَالصِّلاتِ. فَإِنْ سِرْتُ بِأَصْحَابِي وَقُلُوبُهُمْ مُتَطَلِّعَةٌ إِلَى مَنْ خَلْفِهِمْ مِنْ إِخْوَانِهِمْ لَمْ أَنْتَفِعْ بِهِمْ فِي لِقَاءٍ. وَقَدْ فَضُلَ أَهْلُ السِّلْمِ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ. وَالَّذِي أَسْأَلُهُ أَنْ يُؤْمَرَ لِأَصْحَابِي بِرِزْقِ سَنَةٍ، وَيُحْمَلَ مَعَهُمْ أَرْزَاقُ سَنَةٍ، وَلا أُسْأَلُ عَنْ مُحَاسَبَةِ مَا افْتَتَحْتُ مِنَ الْمُدُنِ.

فَقَالَ: قد اشتططت١، ولا بد مِنْ مَنَاظَرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.

حبْس الأمين لأسد بْن يزيد:

ثمّ ركب معي إِلَيْهِ فدخلتُ، فما دار بيني وبينه إلا كلمتان حتّى غضب وأمر بحبسي.

اختيار أحْمَد بْن مَزْيد لقتال طاهر بْن الحسين:

وذكر زياد بْن عليّ قَالَ: ثمّ قَالَ الأمين: هَلْ في أهل بيت هذا مِن يقوم مقامه؟ فأنا أكره أن أستفسدهم مع سابقتهم وطاعتهم.


١ شط: شططًا: بعد في الأمر، وأمعن وجاوز الحد، واشتط في حكمه: جار، المعجم الوجيز "ص/ ٣٤٣".