للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غزوة بئر مَعُوَنة:

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحاب بئر مَعُوَنة في صفر، عَلَى رأس أربعةِ أشهرٍ من أُحُد.

وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَرِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ الَّذِي يُدْعَى مُلاعِبَ الأَسِنَّةِ١ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ مُشْرِكٌ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإِسْلامَ, فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَدِيَّةً, فَقَالَ: "إِنِّي لا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ". فَقَالَ: ابْعَثْ مَعِي مَنْ شِئْتَ مِنْ رُسُلِكَ، فَأَنَا لَهُمْ جَارٌ. فَبَعَثَ رَهْطًا، فِيهِمُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو السَّاعِدِيُّ؛ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: "أَعْنَقَ لِيَمُوتَ"٢، بَعَثَهُ عينًا له في أهل نجد. فسمع بهم عَامِر بْن الطُّفَيْلِ، فَاسْتَنْفَرَ بَنِي عَامِرٍ، فَأَبَوْا أَنْ يُطِيعُوهُ, فَاسْتَنْفَرَ بَنِي سُلَيْمٍ فَنَفَرُوا مَعَهُ. فَقَتَلُوهُمْ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، غَيْرَ عَمْرِو بْنِ أُمَّيَةَ الضَّمْرِيِّ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ, فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحارث بْن هشام، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، وَغَيْرِهِمَا، قَالُوا: قَدِمَ أَبُو الْبَرَاءِ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَبْعُدْ مِنَ الإِسْلامِ, وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ لَوْ بَعَثْتَ مَعِي رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ يَدْعُونَهُمْ إِلَى أَمْرِكَ رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ. قَالَ: "أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ". قَالَ أَبُو الْبَرَاءِ: أنا لَهُمْ جَارٌ. فَبَعَثَ الْمُنْذَرَ بْنَ عَمْرٍو فِي أَرْبَعِينَ رَجُلًا، فِيهِمُ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّة، وَحَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ؛ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَعُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ السُّلَمِيُّ, وَنَافِعُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فِي خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَسَارُوا حَتَّى بَلَغُوا بِئْرَ معونة، بين أرض بني عَامِرٍ وَحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ. ثُمَّ بَعَثُوا حَرَامَ بن ملحان


١ قال السهيلي في "الروض الأنف" "٣/ ٢٣٨": "سمي ملاعب الأسنة في يوم سوبان وهو يوم كانت فيه وقيعة في أيام جبلة وهي أيام حرب كانت بين قريش وتميم، وجبلة اسم لهضبة عالية، وكان سبب تسميته في يوم سوبان ملاعب الأسنة: أن أخاه يقال له: فارس قرزل وهو طفيل بن مالك كان أسلمه في ذلك اليوم وفر وقال عمر:
فررت وأسلمت ابن أمك عامرا ... يلاعب أطراف الوشيح المزعزع
ا. هـ. باختصار.
٢ سمي بذلك لإسراعه إلى الشهادة.