للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كرمان فدخلها، ونزل يعقوب على مرحلة منها، فأقام نحْوًا من شهرين. فلّما طال عَلَيْهِ أظهر الرحيل نحو سجستان، وسار مرحلةً. فوضع طوق عنه السلاح، وأحضر الملَاهي والشّراب، وجاءت الأخبار إلى يعقوب، فأسرع الرجعة وأحاط بطَوْق، فأسره واستولى عَلَى كرمان وعلي سجِستْان، ثمّ سار إلى فارس فتملك شيراز، وحارب ابن قُرَيش وظفر بِهِ وأسرهُ. وبعث إلى المعتزّ بالله بتقادُمَ وتحفٍ سَنِيّة، واستفحل أمرُه.

"أخْذُ ابن وصيف لكُتّاب المعتزّ":

وفيها أخذ صالح بْن وصيف: أَحْمَد بْن إسرائيل، والحسن بْن مَخْلَد، وأبا نوح عيسى بْن إبْرَاهِيم، فقيدّهم، وهم خاصّة المعتز وكُتّابه.

وقد كَانَ ابن وصيف قَالَ: يا أمير المؤمنين لَيْسَ للجُنْد عطاء، وليس فِي بيت المال مال. وقد استولى هؤلَاء عَلَى أموال الدنيا. فقال له أحمدبن إسرائيل: يا عاصي يا ابن العاصي.

وتراجعَا الكلَام والخصام، حتى احتدّ ابن وصيف، وغشي عَلَيْهِ وأصحابه بالباب، فبلغهم.

فصاحوا وسلّوا سيوفهم وهجموا. فقام المعتزّ ودخل إلى عند نسائه فأخذ ابن وصيف أَحْمَد والجماعة.

قَالَ: فقال لَهُ المعتزّ: هبْ لي أَحْمَد، فقد ربّاني. فلم يفعل، وضربهم بداره حتى تكسّرت أسنان أَحْمَد، وأخذ خُطوطهم بمالٍ جليلٍ وقيدهم.

"ظهور عيسى وعلي العلوييّن":

وفيها ظهر عيسى بْن جعْفَر، وعلي بْن زيد العلويان الحَسَنيّان، فقتلَا عَبْد اللَّه بْن محمد بْن دَاوُد الهاشمي الأمير.

"خلْع المعتزّ وقتْله":

وفي رجبُ خلِع المعتزّ بالله مِنَ الخلَافة ثمّ قُتِل. فاختفت أمّه قبيحة، ثمّ ظهرت فِي رمضان، وأعطت صالح بْن وصيف مالَا عظيمًا، ثمّ نفاها بعدما استصفاها إلى مكة، فحبست بها. وظهر لها من الذهب ألف ألف وثلاثمائة ألئف دينار، وسفط فِيهِ مكوك زُمُرُّد، وسفط فِيهِ مكُّوك لؤلؤ، فِيهِ حَبُّ كِبار عديمُ المِثْل، وكيلجة ياقوت أحمر، وغيره.

فقومت الأسفاط بألفي ألف دينار، وحمل الجميع إلى ابن وصيف. فلمّا رآه قَالَ: قبحها اللَّه، عرضت ابنها للقتْل لأجل خمسين ألف دينار وعندها هذا. فأخذ الكُلَّ ونفاها.

"مقتل أَبِي نوح وابن إسرائيل":

وفي رمضان قَتَل ابنُ وصيف: أَبَا نوح، وأحمد بْن إسرائيل:

"بيعة المهتدي":

وبويع المهتدي بالله محمد بالأمر١.


١ انظر: تاريخ الطبري "٩/ ٣٨٢-٣٩٠"، والكامل "٧/ ١٩٣-٢٠٥" البداية "١١/ ١٥-١٧".