للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاجتمع الخَدَم، فدفعوه عنها بعد أن حمل ما قدر عليه من المال، وسار إلى المَوْصل، ثمّ قال الّذين عند المقتدر: يا قوم نسلِّم هذا الأمر ولا نجرّب نفوسنا في دفع ما نزل بنا؟ فنزلوا في الشذاءات، وألبسوا جماعة منهم السّلاح، وقصدوا المُخَرَّم، وبه ابن المعتزّ، فلمّا رآهم من حول ابن المعتزّ أوقع الله في قلوبهم الرُّعب، فانصرفوا منهزمين بلا حرب١.

وخرج ابن المعتز فركب فرسًا، ومعه وزيره ابن داود، وحاجبه يُمْن، وقد شَهَر سَيفَه وهو ينادي: معاشر العامة، ادْعُوا لخليفتكم. وأشاروا إلى الجيش أن يتبعوهم ألى سامرّاء، ليثبّت أمرهم، فلم يتبعهم أحد من الجيش، فنزل ابن المعتزّ عن دابّته ودخل دارَ ابنِ الْجَصّاص٢، واختفى الوزير ابن داود، وأبو المُثَنَّى القاضي، ونُهِبَت دُورُهما، ووقع النَّهْب والقتْل في بغداد، واختفى علّي بن عيسى بن داود، ومحمد بن عَبْدُون في دار بقالٍ، فَبَدَرَتْهُما العامّة، فأخرجوهما إلى حضرة المقتدر٣.

عودة المقتدر إلى الخلافة:

وقبض المقتدر على وصيف، وعلى يُمْن الخادم، وأبي عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبي المُثَنَّى القاضي، وأبي المُثَنَّى أحمد بن يعقوب، ومحمد بن خَلَف القاضي، والفقهاء والأمراء الذين خلعوه، وسُلِّموا إلى مؤنس الخادم فقتلهم، إلا عليّ بن عيسى، وابن عَبْدُون، والقاضيَيْن أبا عمر، ومحمد بن خَلَف، فإنهم سَلِمُوا من القتْل، وكان قَتْلُ الباقين في وسط ربيع الآخر٤.

وزارة ابن الفرات:

واستقام الأمر للمقتدر، فاستوزر أبا الحسن عليّ بن محمد بن الفُرات٥.


١ الكامل في التاريخ "٨/ ١٥، ١٦"، ووفيات الأعيان "٣/ ٤٢٦".
٢ المنتظم "٦/ ٨١"، البداية والنهاية "١١/ ١٠٧"، تاريخ الخلفاء "٣٧٩".
٣ تاريخ الطبري "١٠/ ١٤٠"، تاريخ ابن خلدون "٣/ ٣٥٩"، الكامل في التاريخ "٨/ ١٦٨".
٤ تاريخ الطبري "١٠/ ١٤١"، المنتظم "٦/ ٨١، ٨٢".
٥ تاريخ الخلفاء "٣٧٩"، النجوم الزاهرة "٣/ ١٦٥"، التنبيه والإشراف "٣٢٩".