للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفد طيء، قدوم عدي بن حاتم]

وفد طيئ:

ثم قدم وفد طيئ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيهم زَيْد الخيل سيّدهم, فأسلموا، وسمّاه رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زيد الخَيْر، وقطع لَهُ فَيْد١ وأَرَضِين، وخرج راجعًا إلى قومه.

فَقَالَ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ ينج زيد من حمى المدنية". فإنّه يُقَالُ قد سمّاها رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باسمٍ غيرَ الحمّى، فلم نُثْبِتْه, فلمّا انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه، يقال لَهُ: فَرْدَة، أصابته الحمّى فمات بها. قَالَ: فعمدت امرأته إلى ما معه من كتب فحرّقَتها.

قدوم عديّ بْن حاتم:

قَالَ شُعْبَةُ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ حُبَيْشٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: جَاءَتْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا بِعَقْرَبٍ، فَأَخَذُوا عَمَّتِي وَنَاسًا. فَلَمَّا أَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! غَابَ الْوَافِدُ، وَانْقَطَعَ الْوَالِدُ، وَأَنَا عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ، فَمُنَّ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ. قَالَ: "مَنْ وَافِدُكِ"؟ قَالَتْ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ. قَالَ: "الَّذِي فَرَّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"؟ قَالَتْ: فَمُنَّ عَلَيَّ. وَرَجُلٌ إِلَى جَنْبِهِ تَرَاهُ عَلِيًّا، فَقَالَ: سَلِيهِ حُمْلَانًا. فَسَأَلَتْهُ، فَأَمَرَ لَهَا بِهِ.

قَالَ عَدِيٌّ: فَأَتَتْنِي، فَقَالَتْ: لَقَدْ فَعَلْتَ فَعْلةً مَا كَانَ أَبُوكِ يَفْعَلُهَا, إيته رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا، فَقَدْ أَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ، وَأَتَاهُ فُلَانٌ فَأَصَابَ مِنْهُ.

قَالَ عَدِيٌّ: فَأتَيْتُهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَصَبِيَّانِ؛ أَوْ صَبِيٌّ، فَذَكَرَ قُرْبَهُمْ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَيْسَ مُلْكَ كِسْرَى ولا قيصر، فأسلمت, فرأيت وجهه وقد اسْتَبْشَرَ، وَقَالَ: "إِنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ الْيَهُودُ، وَالضَّالِّينَ النَّصَارَى". وَذَكَرَ بَاقِي الْحَدِيثِ.

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ حُذَيْفَةَ، قَالَ رَجُلٌ: كُنْتُ أَسْأَلُ عَنْ حَدِيثِ عَدِيٍّ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي لا أَسْأَلُهُ, فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ: بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَرِهْتُهُ أَشَدَّ مَا كَرِهْتُ شَيْئًا قَطُّ. فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْصَى أَرْضِ الْعَرَبِ مِمَّا يَلِي الرُّومَ, ثُمَّ كَرِهْتُ مَكَانِي, فَقُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُهُ وَسَمِعْتُ مِنْهُ, فَأَتَيْتُ إِلَى المدينة،


١ فيد: ناحية بشرقي سلمى أحد جبلي طيئ.