للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميلة بنت ناصر الدولة تحج وتنفق:

وحجَّت جميلة بنت ناصر الدولة ابن حمدان، ومعها أَخَواها إبراهيم وهبة الله، فضُرِب بحجّتها المثل، فإنها استصحبت أربعمائة جمل، وكان معها عدّة محامل لم يُعْلَم في أيها كانت، وكست المجاورين، ونثرت على الكعبة لما رأتها عشر آلاف دينار، وسقت جميع أهل الموسم السّويق بالسُّكّر والثلج. كذا قال أبو منصور الثعالبي، فمن أين لها ثلج؟ وقُتل أخوها "هبة الله" في الطريق، وأعتقت ثلاثمائة عبد ومائتي جارية، وأغنت المجاورين بالأموال.

قال أبو منصور الثعالبي: خلعت على طبقات خمسين ألف ثوب، وكان معها أربعمائة عمادية لا يُدْرَى في أيّها كانت، ثم ضرب الدهر ضرباته، واستولى عَضُدُ الدولة على أموالها وحصونها وممالك أهل بيتها، وأفضت بها الحال إلى كلِّ قلّة وذِلّة، وتكشّفت عن فقر مُدْقِع.

وقد كان عَضُد الدولة خطبها، فامتنعت ترفُّعًا عليه، فحقد عليها، وما زال يعتسف بها حتى عرّاها وهتكها، ثم ألزمها أن تختلف إلى دار القحب فتتكسَّب ما تؤدّيه في المصادرة، فلمَّا ضاق بها الأمر أغرقت نفسها في دجلة.