للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآخر مذَهَّب على رسم وُلاةِ العهود، ولم يعقد هذا اللواء الثاني لغيرة قبله، ولقَّبه تاج المِلّة، وكُتب له عهد بحضرته وقرئ بحضرته، ولم تجر العادة بذلك، إنّما كان يدفع العهد إلى الوُلاة بحضرة أمير المؤمنين، فإذا أخذه قال أمير المؤمنين: هذا عهدي إليك فاعْمل به، وبعث إليه الطائع هدايا كثيرة، فبعث هو إلى الطائع تقادُمَ من جملتها خمسون ألف دينار، وألف ألف درهم، وبغال، ومسك، وعنبر.

زيادة دجلة:

وفيها زادت دجلة ببغداد حتى بلغت إحدى وعشرين ذراعًا، وكادت بغداد تغرق، وغرقت أماكن.

الزلزال بسيراف:

وفي ذي القعدة زُلْزلَت سِيراف، وسقطت الشُّرّف، وهلك أكثر من مائتي إنسان تحتها.

القتال بين هفتكين والعبيديين:

وفيها: تمَّت عدة مصافات بين هفتكين وبين العُبَيْديين، قُتل فيها خلق كثير، وطار صيت هفتكين بالشجاعة والإقدام، ولم يكن معه عسكر كثير.

ثم سار إليه الحسن بن أحمد القُرْمُطي وعاضَدَه، وتحالفا، وأعانهما أحداث دمشق، وقصدوا جوهرًا، فتقهقر إلى الرملة وتحصَّن بها، ثم تحوَّل إلى عسقلان، وحاصروه حتى آكل عسكرُهُ الْجِيَفَ، ثم خرج بهم جوهر بذمامٍ أعطاه هفتكين، ومضوا إلى مصر، فتأهَّب العزيز وسار بجيوشه، فالتقاه هفتكين بالرملة، فقال العزيز لجوهر: أرني هفتكين، فأراه إيّاه وهو يجول بين الصّفّين على فرس أدهم، وعليه كذاغند أصفر، يطعن بالرمح تارة ويضرب باللّتّ، فبعث العزيز إليه رسولًا يقول: يا هفتكين، أنا العزيز، وقد أزعجتني من سرير ملكي، وأخرجتني لمباشرة الحرب بنفسي، وأنا طالب الصلح معك، ولك يد الله على أن أصطفيك وأقدّمك على عسكري، وأهب لك الشام بأسره، فنزل وقبّل الأرض، ثم اعتدل وقال: أمَّا الآن فما يمكنني إلّا الحرب، ولو تقدَّم هذا لأمكن، ثم حمل على الميسرة فهزمها، فحمل العزيز بنفسه، فحملت معه ميمنته، فانهزم هفتكين، والحسن القُرْمُطي، وقُتل من عسكرهما نحو عشرين ألفًا، ثم بذل العزيز لمن أتاه بهفتكين مائة ألف دينار.

وكان هفتكين تحت مفرّج بن دغفل بن جَرّاح، وكان مليحًا في العرب، فانهزم نحو الساحل ومعه ثلاثة، وبه جراح، وقد عطش، فصادفه مفرّج في الخيل فأكرمه،