للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حوادث سنة خمس وتسعين وثلاثمائة]

حجّ بالعراقيين جَعْفَر بْن شعيب السّلار، ولحقهم عَطَش فِي طريقهم، فهلك خلْق كثير١.

وفي المحرم قتل الحاكم بمصر جماعة من الْأعيان صبَرًا.

وفيها: قُتِل المنتصر أَبُو إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بْن نوح بْن نصر بن نوح السّاماني، وكان قد أُسِر أخوه عَبْد الملك، كما ذكرنا فِي سنة تسعٍ وثمانين.

واستولى عَلَى ما وراء النهر إيلك خان، وقبض عَلَى أَبِي إِبْرَاهِيم هذا، وعلى أخيه عَبْد الملك، وعلى نوح بْن منصور الرضيّ، وعلى أعمامهم أَبِي زكريّا، وأَبِي سُلَيْمَان، فتحيّل المنتصر وهرب من السجن فِي زيّ امْرَأَة كانت تنتابهم لمصالحهم، واختفى أيامًا عند عجوز، وذهب إلى خُوَارِزْم، فتلاحق بِهِ من بَدْوِ نمار من بقايا الدّولة السّامانية، حتى اجتمع شَمْلُه، وكثف خيله ورِجْله، وأغار بعض عمّاله عَلَى بُخَارَى، وبيتوا بضعة عشر قائدًا من القوّاد، وحملوا فِي وثاقٍ إلى خُوَارِزْم، وانهزم من بقي من قوّاد إيلك خان، وعاد المنتصر إلى بُخارى، وفرح النّاس، فجمع إيلك جيوشه، وتكاثفت أيضًا جموع المنتصر، وقصد نيسابُور، وحارب أميرها نصر بْن سُبُكْتِكين أخا محمود، فهزمه، وأخذ نيسابُور، فانزعج لذلك السّلطان محمود، وطوى المغاور، حتى "وافى"٢ نيسابُور، فتقهقر عَنْهَا المنتصر إلى أَسْفِرايين، وجبى الخراج، وقدم لَهُ شمس المعالي قابوس خيلا وجمالا وبغالا، وألف ألف دِرْهَم، وثلاثين ألف دينار، مُدارةً عَنْ جُرْجَان.

ثم إن المنتصر عاد إلى نيسابور، فتحيز عنها أخو محمد، وجبى المنتصر منها الْأموال، ثم التقى هُوَ وأخو محمود، فكانت بينهما وقعة ملحمة هائلة، فكانت النصرة لصاحب الجيش نصر بْن سُبُكْتِكين، وانهزم المنتصر، فجاء إلى جُرْجَان، فدفعه عَنْهَا شمس المعالي، ثم التقى المنتصر أيضًا هُوَ والسُّبُكْتِكينيّة بظاهر سَرْخَس، وقُتِل خلْقٌ من الفريقين، وانهزم جَمْعُ المنتصر، وقُتِل جماعة من قوّاده، فسار المنتصر يعتسف المهالك، فانتبذ بِهِ إلى محالّ الْأتراك الغُزِّيَّة، ولهم مَيْل إلى آل سامان، فأخذتهم المَذَمَّة من خُذْلانه، وحرّكتهم الحَمِيَّة لعونه فِي سنة ثلاث وتسعين، وقصدوا أيلك خان، وحاربوه، ثم خافهم المنتصر وفارقهم، وراسل السُّلطانَ محمود بْن سُبُكْتِكين يذكِّره بحقوق سَلَفِه عَلَيْهِ، فأكرم محمود رسوله، وتماثل حال المنتصر، جرت له أحوال وأمور وحروب عديدة.


١ المنتظم "٧/ ٢٢٩".
٢ في الأصل "وأوفى".