للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الموتى وإبراءه الأكمه والأبرص مع الحاجة إلى معرفة ذلك وإن كان عهده غير متباعد، فبان بهذا: أن قرب العهد وبعده لا تأثير له في باب النقل.

قيل: إنما لم ينقلوا كلام المسيح في المهد؛ لأنه قد كان ذلك قبل ظهور أمره، وكان إحياؤه [١٢٦/ب] الموتى وإبراؤه (١) الأكمه والأبرص بعد ظهوره، فلهذا نقلوا ذلك.

وقد يقوى نقل الشيء لأجل ظهوره، ويترك لأجل خفائه، ألا ترى أن اليهود قد نقلت ما كان ظاهراً من معجزات نبينا - صلى الله عليه وسلم -، مثل إتيانه بالقرآن وتحدي العرب به، ولم ينقلوا ما لم يكن في ظهور ذلك من معجزاته؟

وكذلك قد اختلف نقل سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في باب الظهور والخفاء، فلم يجرِ جميعها على طريقة واحدة، ألا ترى أن كثيراً من السنن تذهب على العالم، وإن لم يذهب عليهم ما ظهر منها واشتهر؟

فإن قيل: فما أنكرتم أن يكون الصحابة تركت نقل ما يحتاج إليه لداع دعاهم إلى ذلك من تقية أو خوف فتنة أو نحو ذلك.

قيل: كل من يجوز عليه ترك نقل ما يحتاج إليه لما ذكرت، فإنه يجوز عليه الإخبار عن الشيء بالكذب لأجل هذه العلة بعينها، فلما لم يجز هذا على الصحابة رضي الله عنهم، كذلك لا يجوز عليهم ترك نقل ما يحتاج إلى نقله.

فإن قيل: أليس قد تركوا نقل المسح إلا وقت وقوع الخلاف فيه، وتركوا نقل القِران والإفرَاد حتى اختلفوا فيه، وكذلك الرجم، ونظائر ذلك كثير؟.


(١) في الأصل: (ابراء) .

<<  <  ج: ص:  >  >>