للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكذب، إما لكثرتهم أو لدينهم وصلاحهم؛ لأنه لا دليل على عددهم من طريق العقل ولا من طريق الشرع، ولكنا نعلم أنه يجب أن يكونوا أكثر من أربعة؛ لأن خبر الأربعة لو جاز أن يكون موجباً للعلم لوجب أن يكون خبر كل أربعة كل موجباً ولو كان هكذا لوجب إذا شهد أربعة على رجل بالزنا، أن يعلم الحاكم صدقهم ضرورة، ويكون ما ورد به الشرع من السؤال عن عدالتهم باطلاً، وإذا كان ذلك صحيحاً دل على أن خبر الأربعة لا يوجب العلم بصدق مُخبرِهم.

فإن قيل: لا يمتنع [١٢٧/أ] أن الله تعالى لم يفعل ذلك عند شهادة الشهود لضرر من المصلحة، وفعل ذلك عند الخبر الذي ليس بشهادة.

قيل: لا فرق بين الخبر الواقع على وجه الشهادة، وبين الواقع على غيرها، بدليل: أن الجماعة التي يقع لنا العلم بخبرهم، لا فرق بين أن يشهدوا عند الحاكم بحق، وبين أن يكون خبرهم بغير شهادة في وقوع العلم بخبرهم، كذلك فيمن دونهم.

وقد حكي عن قوم: أن العلم يقع بخبر اثنين.

وعن آخرين: يقع بخبر أربعة.

وعن آخرين: يقع بخمسة فصاعداً (١) .

وعن آخرين: يقع باثني عشر؛ اعتباراً بعدد النقباء.


(١) من حَد وقوع العلم باثنين، اعتبر نصاب الشهادة.
ومن حده بأربعة، اعتبر أعلى نصاب الشهادة، كما في إثبات الحدود.
ومن حده بخمسة اعتبر الزيادة على أعلى عدد في الشهود.
وهناك من حده بعشرين، لقوله تعالى: (إنْ يكن منْكمْ عشرونَ صَابرُونَ) .
انظر: "التمهيد في أصول الفقه" الورقة (١٠٨/ب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>