للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: إذا كانوا شهداء على غيرهم، فيجب أن يكونوا شهداء على أنفسهم.

قيل: من كان شهيداً وحجة على غيره، فليس بحجة على نفسه، كالشاهد هو شاهد على غيره [١٦٣/ب] ، ولا يكون شاهداً على نفسه، وإنما يكون مقراً، وقول النبى حجة على غيره، وليس حجة على نفسه.

فإن قيل: إذا كانوا شهداء على غيرهم، فيجب أن يكونوا شهداء على أنفسهم؛ لأن الحجة لا تختص بقوم دون قوم ولا بعصر دون عصر.

قيل: قد بينا اختصاص الحجة بجهة دون جهة.

وعلى أن الموضع الذي نجعله حجة على غيره نجعله حجة في نفسه في الفتيا لغيره. فأما إذا رجع فليس بحجة على غيره ولا على نفسه.

وأيضاً: ما احتج به أحمد من إجماع الصحابة، وذلك أنه روي عن علي أنه قال: (كان رأيي مع أمير المؤمنين عمر: أن لا تباع أمهات الأولاد، وأرى (١) الآن أن يبعن، فقال له عبيدة السَّلْمَاني (٢) : رأيك مع الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك) (٣) .

فعلىُّ أظهر الخلاف بعد الإجماع، فأقر عليه. فلو كان انقراض العصر غير معتبر ما سَاغَ له الخلاف.


(١) في الأصل (أرى أن) وحرف (أن) هنا لا معنى لها، ولذلك حذفناها.
(٢) هو عبيدة بن عمرو أبو مسلم، وقيل: أبو عمرو، السَّلْمَاني المرادي. أسلم قبل وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - ولم يره. صحب علياً وابن مسعود -رضي الله عنهما- مات سنة (٧٢ هـ) .
له ترجمة في: الاستيعاب (٣/١٠٢٣) وتاريخ بغداد (١١/١١٧) وتذكرة الحفاظ (١/٥٠) واللباب في تهذيب الأنساب (٢/١٢٧) .
(٣) مضى تخريج هذا الأثر ص (١٠٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>