للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعلم أنه لا يجوز إطلاق هذه العبارة؛ لأن من الأشياء مالا يجوز أن يقال: إنها على الحظر، كمعرفة الله تعالى، ومعرفة وحدانيته.

ومنها مالا يجوز أن يقال: إنها على الإباحة، كالكفر بالله، والجحد له، والقول بنفي التوحيد.

وإنما يتكلم في الأشياء التي يجوز في العقول حظرها وإباحتها، كتحريم الخنزير، وإباحة لحم الأنعام (١) .

وتتصور هذه المسألة في شخص خلقه الله تعالى في بريَّة، لا يعرف شيئاً من الشرعيات، وهناك فواكه وأطعمة، فهل تكون تلك الأشياء في حقه على الحظر أم على الإباحة، حتى يرد الشرع بالدلالة؟

فالدلالة على الحظر (٢) :

أن جميع المخلوقات ملك لله تعالى، لأنه خلقَها وأنشأها وبَرأَهَا، ولا يجوز الانتفاع بملك العبد إلا بإذنه، يدل على ذلك أن أملاك الآدميين لا يجوز لأحد منهم أن ينتفع بملك غيره بغير إذنه.

فإن قيل: قولكم: لا يجوز الانتفاع بملك الغير بغير إذنه، لا يخلو: إما أن يريدوا به أنه لا يجوز من طريق العقل [أ] والشرع.

فإن أردتم من طريق العقل لم يسلم لكم هذا؛ لأن العقل عندنا مما لا يحل ولا يحرم.

وإن أردتم به من طريق الشرع فصحيح، إلا أنه لم يرد شرع، ولهذا توقفنا حتى يرد الشرع بحظره أو إباحته.


(١) هذا الكلام تحرير لمحل النزاع، ولو جعله المؤلف في أول المسألة لكان أحسن.
(٢) اختار المؤلف هذا القول بالحظر، بينا نقل عنه الفتوحي في شرح الكوكب المنير (١/٣٢٥) : أنه قال في مقدمة كتابه المجرد: بالإباحة.
قلت: والمشهور عنه هو: القول بالحظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>