للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحسَن في العقل فينقسم إلى قسمين:

منه ما يجب فعله.

ومنه ما لا يجب فعله.

أما الذي يجب فعله، فهو مثل: شكر نعمة المنعم، والعدل، والإنصاف، وما جرى مجرى ذلك مما في معناه من الحسن، فإنه واجب لا يجوز الانصراف عنه.

ومن الحسَن ما لا يجب فعله، وإن كان حسَناً، مثل: التفضُّل، وبرِّ الوالدين، وقِرَى الضيف، وإطعام الطعام (١) .

فصل

[لا يحظر السمع ما أوجبه العقل ولا يبيح ما حظره]

قال (٢) : ولا يجوز أن يرد السمع بحظْر ما كان في العقل واجباً، نحو شكر المنعم، والعدل، والإنصاف، ونحوه.

وكذلك لا يجوز أن يَرِد بإباحة ما كان في العقل محظوراً نحو الكذب، والظلم، وكفر نعمة المنعم، ونحوه، وإنما يَرِد بإباحة ما كان في العقل محظوراً على شرط المنفعة، نحو: إيلام بعض الحيوان -يعني بالذبح- لما فيه من المنفعة كما جاز لنا إدخال الآلام علينا بالفَصْد والحِجَامة، وشرب الأدوية الكريهة للمنفعة، وإن لم يجز ذلك لغير منفعة، وما أعطيناه من أموالنا بغير استحقاق للفقراء وغيرهم ممن يُطلبُ بدفعه إليهم الثوابُ من الله تعالى، أو الحمدُ من الناس والثناءُ الجميل؛ فإن هذا وما أشبهه من مجرى الآلام التي يطلب بها المنافع من الفَصْد، والحجامة، وشرب الأدوية.


(١) كلام أبي الحسن التيمي هذا منقول بنصه في المسوَّدة ص (٤٨٠) نقلاً عن المؤلف.
(٢) يعنى: أبا الحسن التيمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>