للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأظهر من بعض وتناوله للجميع تناول واحد، فيجب حمله على عمومه، إلا أن يخصه دليل أقوى منه.

و [أما] الظاهر فإنه يحتمل معنيين، إلا أن أحدهما أظهر وأحق باللفظ من الآخر، فيجب حمله على أظهرهما، ولا يجوز صرفه عنه إلا بما هو أقوى منه. وكل عموم ظاهر، وليس كل ظاهر عمومًا؛ لأن العموم يحتمل البعض، إلا أن الكل أظهر.

فالعموم مثل قوله تعالى: {اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} ١، [٩/ ب] ومثل قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} ٢ فكانا عامين في جميع ما تناولاه. ومثل ذلك أكثر من أن يحصر.

والظاهر: مثل قوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} ٣، فإنه يحتمل الندب، إلا أن ظاهره الوجوب؛ لأنه أمر وظاهر الأمر الوجوب، فسمي ظاهرًا لذلك٤.

وكذلك كل لفظ محتمل لمعنيين أحدهما أظهر من الآخر من طريق اللغة، أو من طريق الاستدلال. من ذلك ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال للمرتهن: "ذهب حقك" ٥ فيحتمل أن يكون المراد به الدين، ويحتمل


١ "٥" سورة التوبة.
٢ "١٠٣" سورة التوبة.
٣ "٣٣" سورة النور.
٤ هل الأمر للوجوب أو للندب؟ قولان: الأول للشافعي، والثاني لمالك وأبي حنيفة، وحجة الشافعي: ظاهر الآية. وحجة أبي حنيفة: السنة والقياس. انظر: "تفسير الفخر الرازي" "٢٣/ ٢١٩، ٢٢٠".
٥ هذا الحديث قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- للمرتهن لما نفق فرس الرهن عنده. وهو حديث مرسل. أرسله عطاء، كما صرح بذلك أبو داود في "مراسيله" "ص: ٢١". ونقل الزيلعي في "نصب الراية "٤/ ٣٢١" عن عبد الحق قوله: "إنه مرسل وضعيف" وقد بَيَّن ابن القطان الضعف بأن فيه: مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، وهو ضعيف، كثير الغلط، وإن كان صدوقًا. ومصعب هذا قال عنه الذهبي في كتابه "المغني" "٢/ ٦٦٠": ضعفه ابن معين وأحمد وأبو حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>