للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا قلنا للمخالف: إن ما ليس من جنس الأثمان لما لم يدل على جواز النَّسَأ فيه لم يدل على جواز التفرق قبل التقابض؛ لأن معناهما واحد، وإذا جاز أحدهما جاز الآخر، وإذا حرُم أحدهما حرُم الآخر.

اعتراض ثانٍ:

على قياس الوضوء على التيمم في وجوب [٢٢٤/أ] النية بأن الوضوء شُرع قبل التيمم، فلا يجوز أن يكون المتأخر أصلاً للمتقدم (١) .

وهذا فاسد (٢) ؛ لأن ذلك إنما لا يجوز إذا لم يكن لوجوب النية في الوضوء طريق غير التيمم، فلا يجوز أن يكون وجوب النية في الوضوء سابقاً للتيمم الذي هو طريق ثبوتها.

فأما إذا جاز أن تكون نية الوضوء ثابتة من غير جهة التيمم من آية أو سنة أو قياس على غير التيمم، ثم شرع التيمم وأوجبت النية فيه، وأودع فيه معنى يوجد في الوضوء صار طريقاً لثبوت النية ودليلاً عليها، وتأخره عنه لا يمنع صحته؛ لأن الدليل يجوز أن يَرِد بعد الدليل، وتتجدد الطريق بعد الطريق.

ولهذا نقول: إن الحكم إذا ثبت بقرآن ثم ورد بعده قول النبي - صلى الله عليه وسلم - دالاً عليه، كان كل واحد منهما طريقاً لثبوته، وكان المستدل بالخيار، إن شاء استدل بالقرآن، وإن شاء استدل عليه بالسنة.


(١) راجع هذا الاعتراض في: روضة الناظر مع شرحها (٢/٣١٣) ومختصر الطوفي ص (١٥٢) والمسوَّدة ص (٣٨٧) وشرح الكوكب (٤/١١١) .
(٢) هكذا عدَّه المؤلف من الأسئلة الفاسدة. ويرى ابن قدامة والمجْد والطوفي أن ذلك شرط في قياس العلة دون قياس الدلالة.
انظر: المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>