للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه تعالى أخبر أن "كن" بمجردها أمر.

والثاني قوله: {إِذَا أَرَدْنَاه} وهذا يقتضي أنه قد يوجد أمر بإرادة وغير إرادة، ولولا ذلك ما كان؛ لقوله: {إِذَا أَرَدْنَاه} معنىً.

وعند المعتزلة: ذكره الإرادة لا تأثير له؛ لأنه لا أمر يوجد إلا بإرادة الآمر.

فإن قيل: المراد بهذه ما ينشأ خلقه، ويستأنف إحداثه وإيجاده، وليس المراد ما اختلفنا فيه.

قيل: هذا عام في الجميع.

وأيضًا: قد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من حلف، فقال: إن شاء الله، فإن شاء فعل، وإن شاء ترك" ١، وهذا يدل على أنه إذا قال: لأقضين دينك غدًا -إن شاء الله- ولم يقضه، أنه لا يحنث في يمينه، وكان مأمورًا بقضاء دينه، فلو كان الله تعالى قد شاء ما أمره به، وجب أن يحنث في يمينه.

وأيضًا: فإن استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه أمر، وكل أمر استدعاء، وما ليس باستدعاء من أنواع الكلام فليس بأمر، فدلَّ هذا على أن الأمر إنما كان أمرًا لكونه استدعاء، وهذا كما نقول في الخبر: إنما كان خبرًا؛ لأنه يدخله الصدق والكذب؛ لأنَّا وجدنا كل خبر يدخله الصدق أو الكذب. وكلما يدخله الصدق أو الكذب فهو خبر. وما لا


١ هذا الحديث أخرجه الترمذي في كتاب الأيمان والنذور، باب ما جاء في الاستثناء في اليمين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعًا "٤/ ١٠٨، ١٠٩"، ولفظه: "من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، فقد استثنى، فلا حنث عليه".
كما أخرجه في الباب نفسه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا، ولفظه: "من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله، لم يحنث".

<<  <  ج: ص:  >  >>