للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن قوله: "لولا أن أشُقَّ على أمتي" لأمرت أمر إيجاب.

وكذلك قوله لبريرة لم آمر أمر إيجاب بدليل ما ذكرنا، يتبين صحة هذا، وأنه أراد به أمر إيجاب؛ أنه امتنع منه لأجل المشقة، والمشقة إنما تلحق فيما يلزم من فعله.

وكذلك قول بريرة: أبأمرك، تعني الأمر الواجب حتى فعله، وإن كانت كارهة؛ لأنها كانت مبغضة له.

واحتج بأن المسلمين أجمعوا على أن من ترك المستحب لا يجوز أن يقال له: خالف أمر الله تعالى وعصاه، كما لا يجوز أن يقال ذلك لمن فعل المباح.

والجواب: أنه لا يقال خالف أمر الله وعصاه على الإطلاق، لئلا يلتبس بالواجب، فأما مع التقييد فإنه يقول: خالف أمر الله تعالى المندوب.

يبين١ صحة هذا على أصلنا قول أحمد -رضي الله عنه- فيمن ترك الوتر: "هو رجل سوء". فذمَّه على ترك الوتر مع قوله: "إنه سنة وليس بواجب".

واحتج بأن أهل اللغة يفرقون بين أن يقول القائل لمن دونه: افعل كذا، أو لتفعل كذا، وبين أن يقول: أسألك أن تفعل كذا، وأرغب إليك أن تفعل كذا، ويسمون أحدهما أمرًا والآخر سؤالا وطلبًا، فدلَّ على أن المندوب إليه غير مأمور به.

والجواب: أن أهل اللغة يفرقون بينهما في باب الإيجاب، فيسمون أحدهما أمر إيجاب والآخر أمر ندب واستحباب، فأما أن يفرقوا ٢ بينهما


١ في الأصل "يتبين".
٢ في الأصل: "يفرقون" بإثبات النون، وهو خطأ عربية لما هو معلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>