للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعيين الحرية في أحد عبديه وأداء الصلاة في أول الوقت، فإنه واجب مخيَّر فيه، ولو فعله أو تركه، كان حكمه حكم ما لم يكن مخيرًا؟

فإن قيل: لا يحوز اعتبار الوجوب باستحقاق العقاب؛ لأنه إذا أمكنه فعل كل واحد من الأنواع، فلم يخرج تعلق العقاب بأقلها، وهذا متعين قبل تركها، والواجب منها غير معين، فلم يجز اعتبار أحدهما بالآخر.

قيل: لا نعين العقاب في واحد منها١. ثم نقول: يستحق على واجب واحد بغير عينه عقابًا، هو بقدر أقلها عقابًا، فأما أن نعين الاستحقاق في أقلها عقابًا فلا.

وأيضًا: فإن هذا القول يؤدي إلى أن من وجب عليه مُدٌّ من طعام وفي ملكه عشرة آلاف٢ مد، وهو مخيَّر في إخراج كل واحد منها: أن يكون الواجب عليه عشرة آلاف٣ مد، وأن من وجب عليه شراء رقبة للكفارة، وهو يقدر على شراء كل واحدة من رقاب البلد: أن يكون قد وجب عليه أن يشتري للكفارة جميع رقاب البلد. وإذا وجبت عليه خمسة دارهم في مائتي درهم وجب أن يكون قد وجب إخراج جميع [٣٧/ أ] المائتين؛ لأنه مخير في إخراج كل خمسة منها، وهذا خلاف إجماع المسلمين، وكل قول أدى إلى ذلك فهو باطل مردود.

واحتج المخالف:

بأن الأمر يتناول كل واحد كتناوله للآخر، فقد تساويا من هذا الوجه، وتساويا في أن المصلحة في كل واحد كالمصلحة في الآخر، وفي


١ في الأصل: "منهما".
٢ في الأصل: "ألف" بالإفراد.
٣ في الأصل: "ألف" بالإفراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>