للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث ابن مسعود، فتكلم عليه، ولم ينكر على السائل هذه المعارضة، فلولا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان داخلا في عموم الآية لأنكر عليه ذلك، خلافًا لأكثر الفقهاء والمتكلمين في قولهم: لا يدخل في الأمر١.


= وقال ابن أبي حاتم في كتابه علل الحديث "١/ ١٧": "سمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي فزارة ليس بصحيح، وأبو زيد مجهول، يعني في الوضوء بالنبيذ". ونقل الساعاتي في كتابه الفتح الرباني "١/ ٢٠٥" عن القارئ قوله: "قال السيد جمال: أجمع المحدثون على أن هذا الحديث ضعيف".
كما نقل عن الحافظ قوله: "هذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه".
وقيل: الرجل المجهول هو أبو فزارة، فهو ليس راشد بن كيسان الثقة المشهور، إنما هو رجل آخر مجهول.
وهو رأي نقل عن الإمام أحمد وعن الإمام البخاري.
وتعقب الزيلعي ما نقل عنهما بأنه قد روى عنه جماعة، فيخرج بذلك من الجهالة إلا أن يراد جهالة الحال. كيف وقد صرح ابن عدي وابن عبد البر بأن أبا فزارة اسمه: راشد بن كيسان. وحكي عن الدارقطني مثل ذلك.
وخلاصة القول في ذلك: أن الحديث مردود لثلاث علل كما ذكر الزيلعي في نصب الراية "١/ ١٣٧- ١٤٨".
الأولى: جهالة أبو زيد.
الثانية: التردد في جهالة أبي فزارة.
الثالثة: جاء في حديث: "الوضوء بالنبيذ" أن ابن مسعود شهد ليلة الجن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والثابت في صحيح مسلم وغيره خلاف ذلك، حيث ثبت أنه لم يكن معه -عليه الصلاة والسلام- أحد في هذه الليلة.
ولو سلم صحة الحديث، فهو منسوخ بآيتي النساء والمائدة: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} ["٤٣" النساء، و"٦" المائدة] ؛ وذلك لأن قصة ابن مسعود وقعت ليلة الجن، وذلك قبل الهجرة، وآيتا النساء والمائدة مدنيتان بلا خلاف. انظر: تعليق الشيخ أحمد شاكر على سنن الترمذي "١/ ١٤٩".
١ وبهذا قال أبو الخطاب من الحنابلة كما في كتابه التمهيد الورقة "٣٧/ ب"، وبه قال أبو الطيب، كما نقل ذلك في المسودة "ص: ٣٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>