للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك لفظ التأبيد بهذه المثابة.

واحتج: بأن الآمر منا في الشاهد قد يقرن إلى لفظ الأمر لفظ التأبيد؛ فلا يكون مراده به الدوام، كقول المولى لغلامه: "لازم هذا الغريم أبدًا" [٥٢/ب] ، يريد به أن لا يفارقه حتى يستوفي الدين، كقول الأب لابنه: "لازم المعلم أبدًا١، ولا تفارقه حتى تتعلم منه القرآن ونحوه"؛ فوجب أن تكون أوامر الله محمولة على المتعارف في الشاهد.

والجواب: أن دلالة الحال تقترن إلى الأمر، فيصير كأنه قال: لازم الغريم والمعلم ما لم تستوف الدين، وما لم تتعلم منه، وهكذا أوامر الله يكون ذلك تقديرها؛ كأنه قال: افعلوا ذلك ما دمتم مكلفين.

واحتج بأن المأمور قد يتخلله الجنون والنوم والإغماء، ولفظة التأبيد تعم ذلك، ومعلوم أن الخطاب لا يتوجه إليه.

والجواب: أنا قد بينا أن الأمر يتعلق بمأمور مكلف، فهذه الأحوال مستثناة لعدم التكليف، ويبطل به إذا قال: "افعلوا أبدًا؛ فإنه مصلحة"؛ فإنه يصح وإن كان هذا موجودًا.


١ في الأصل "حتى" وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>