للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عين الأول، لما كان منكرًا؛ فوجب أن يكون تعريفًا لما اقتضاه الاسم، وهو واحد من الجنس، ولا يكون تعريفًا للجنس؛ لأن الاسم لا يصلح له، إذا لم يكن فيه الألف واللام؛ فلا يقتضيه، فكان تعريفًا لمقتضاه.

والجواب: عن قولهم: إنه تعريف لما يقتضيه الاسم؛ فهو منتقض باسم الجمع؛ فإنه إذا كان معرفًا كان للجنس، وإذا كان منكرًا؛ كان لبعض الجنس.

ولأن المنكر لا يصلح إلا للواحد، والمعرف يصلح للجنس، كما قال تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} ١، وقال: {قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} ٢، [وقال] : {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} ٣، و [قولهم] : أهلك الناس الدرهم والدينار؛ فدل على الفرق بينهما.

وأما قوله: "دخلت السوق فرأيت رجلًا، ثم عدت إلى السوق فرأيت الرجل"، فهو أنه ههنا رجع إلى المذكور قبله؛ لأن التعريف إذا تقدمته نكرة؛ كان الظاهر أنه راجع إليه، وتعريف له، وليس كذلك إذا لم يتقدمه نكرة؛ فإنه ليس في الكلام ما يوجب تخصيصه، فوجب حمله على تعريف الجنس٤.


١ "٢" سورة العصر.
٢ "١٧" سورة عبس.
٣ "٦" سورة الانشقاق.
٤ رأيت أبا الحسين البصري ساق لهم دليلين في كتابه "المعتمد": "٢٤٤/١" هما -في رأيي- أبرز ما استدل به المانعون:
الأول: أنه لا يصح تأكيده بكل وجميع، كلفظ: "من" من ألفاظ العموم فلا يصح أن تقول: "جاءني الرجل كلهم"، ولا أجمعون، ولو كان يقتضي العموم لصح توكيده بذلك.
الثاني: أنه يقبح الاستثناء منه نحو قولك: "رأيت الإنسان إلا المؤمنين"؛ ولو كان يقتضي العموم لحسن ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>