للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: لو كان هذا مقتضاه في اللغة؛ لوجب إذا انتفى هذا المعنى بلفظ يفارق المطلق، أن يكون مخرجًا له عن حقيقة كالعموم الذي يخرج عن موضوعه بدليل.

قيل: [٨٨/ب] العموم إذا دخله التخصيص؛ لا يصير مجازًا عندنا. ويبين صحة هذا: أن الصحابة جعلت القرآن بمنزلة الآية الواحدة، يدل عليه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال للخوارج١ -لما احتجوا عليه بآية من القرآن: "من فاتحته إلى خاتمته"، ومعناه: يجب أن يلتزم جميع ما فيه.

وأيضًا: فإن في بناء الخاص على العام جمعًا بين الخبرين وأخذًا بهما؛ فكان أولى من اطراح أحدهما، وفيما ذكرنا دلالة على من قال: لا يحمل المطلق على المقيد، وعلى من قال: يحمل عليه بالقياس.

واحتج من قال: لا يحمل عليه:


١ الخوارج -كما يقول الشهرستاني في كتابه "الملل والنحل": "١/١١٤": "كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت عليه الجماعة، يسمى خارجيًا، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين، أو كان بعدهم على التابعين بإحسان، والأئمة في كل زمان".
وكان أول ظهور هذه الفرقة الضالة في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حرب "صفين".
وقد كان من رأيهم قبول التحكيم، وقد حملوا علي بن أبي طالب على قبوله قائلين: "القوم يدعوننا إلى كتاب الله، وأنت تدعونا إلى السيف".
ثم صارت بعد ذلك فرقًا شتى يجمعها -كما يقول الشهرستاني في المرجع السابق: "القول بالتبري من عثمان وعلي رضي الله عنهما ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يصححون المناكحات إلا على ذلك، ويكفرون أصحاب الكبائر، ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة: حقًا واجبًا".
راجع أيضًا: الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم "٢/١٠٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>