للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسد صاحبه، وناب منابه، والجواهر على هذا؛ لأن كل واحد منهما متحرك وساكن وعالم، فلو كان العقل جوهرًا لكان من جنس العاقل، ولاستغنى العاقل بوجود نفسه في كونه عاقلًا عن وجود مثله، وما هو من جنسه، وقد ثبت أنه ليس بعاقل بنفسه، فمحال أن يكون عاقلا بجوهر من جنسه؛ ولأنه لو كان جوهرًا لصحَّ قيامه بذاته ووجوده، لا بعاقل ولصح أن يعقل ويكلف؛ لأن ذلك مما يجوز على الجواهر وفي امتناع ذلك دليل، على أنه ليس بجوهر، فثبت أنه عرض، ومحال أن يكون عرضا غير سائر العلوم؛ لأنه لو كان كذلك لصح وجود العقل مع عدم سائر العلوم، حتى يكون الكامل العقل غير عالم بنفسه ولا بالمدركات ولا بشيء من الضرورات؛ إذ لا دليل يوجب تضمن أحدهما للآخر. وذلك نهاية الإحالة.

ومحال أن يكون اكتسابًا؛ لأنه يؤدي إلى أن الصبي وممن عدمت منه الحواس الخمس ليسوا بعقلاء؛ لأنهم لا نظر لهم ولا استدلال يكتسبون به العقل، وفي الإجماع على حصول العقل منهم دليل على فساد هذا.

ولا يجوز أن يكون العقل هو الحياة؛ لأن العقل يبطل ويزول [٥/ أ] ولا يخرج الحي عن كونه حيًّا، وقد يكون الحي حيًّا وإن لم يكن عالِمًا بشيء أصلا.

ولا يجوز أن يكون هو جميع العلوم الضرورية١، ولا العلوم التي تقع عقيب الإدراكات الخمسة؛ لأن هذا يؤدي إلى أن الخرس والطرش٢ والأكمه ليسوا بعقلاء؛ لأنهم لا يعلمون المشاهدات والمسموعات والمدركات


١ في كتاب "المعتمد في أصول الدين، للمؤلف "ص: ١٠٢": العلوم الضرورية والكسبية.
٢ هكذا في الأصل، والذي في "المعتمد في أصول الدين" "ص: ١٠٢": الأخرس والأطرش.

<<  <  ج: ص:  >  >>