للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلاة، قام في جميع الأزمان، وقد أراد به بعض الأزمان، وأخر بيانه.

وقوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين) (١) عام في جميع أعيان المشركين، وأراد به بعضهم، وأخر بيانه عن وقت الحاجة فلم يكن بينهما فرق.

فإن قيل: تأخير بيان النسخ لا يخل بصحة الأداء، وتأخير بيان التخصيص يخل بصحة الأداء.

قيل: لا يخل بصحة الأداء، لأنا لا نجوز تأخير البيان عن وقت الفعل.

وجواب [آخر] وهو: أن خطاب العاجز عن الفعل يصح إذا أقدره عليه في حال الفعل، وعدم القدرة يخل بصحة الأداء، ولا يمنع ذلك من صحة الخطاب.

فإن قيل: لا يجوز أن تؤخر القدرة عن وقت الفعل، فلا يخل بصحة الأداء.

قيل: وكذلك لا يجوز أن يؤخر البيان عن وقت الفعل، فلا فرق بينهما.

فإن قيل: الخطاب العام في الأزمان مخالف للخطاب العام في الأعيان في موضوع اللغة، ألا ترى أن رجلاً لو قال لعبده أو وكيله: اعط فلاناً كل يوم رطلاً من خبز، فلما كان بعد مدة منعه من ذلك، كان الخطاب في الأول حسناً عند جميع العقلاء، وإن كان قد أخر بيان وقت المنع إلى وقت الحاجة، ولو قال له: اعطه كل يوم رطلاً من تمر، وهو يريد به رطلاً من لحم أو خبز، كان الخطاب في قبيحاً، فدل على الفرق بينهما.


(١) (٥) سورة التوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>