للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التأخير، ومنه: بيع النسيئة، وهو البيع إلى أجل، فكأنه قال: أو نَنْسَأه فلا ننسخه إلى مدة، فأخبر الله تعالى أن كل ما ينسخ من القرآن، فإنما ينسخ بخير منه أو بمثله، والسنة ليست بخير من القرآن ولا بمثل له، فلا يجوز أن يقع نسخ القرآن بالسنة، لأن خبر الله تعالى لا يقع بخلاف مخبره، يبين صحة هذا قوله: (نَأت بِخيْرِ منْهَا) ، وهذا إنما

يتناول القرآن [١١٤/أ] الذي يأتي من عند الله دون السنة التي يأتي بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ويبين صحة ذلك قوله: (إنَّ الله علىَ كل شَيْء قَديِرٌ) ، فاقتضى ذلك: أن ما يأتي به مما يختص بالقدرة عليه، وهو القرآن دون السنة التي يتعلق بها قدرة غيره.

فإن قيل: الآية تقتضي أنه إذا نسخ آية يأتي (١) بخير منها أو مثلها، وليس فيه أن ما يأتي به يكون هو الناسخ، بل يجوز أن يكون الناسخ غيره.

قيل: قوله تعالى: (نَأت بخَيْرِ منْهَا) يقتضي أن يكون ما يأتي بدلاً (٢) عما نسخه، وإنما يكون بدلاً عنه إذا كان ناسخاً، فأما إذا كانت آية مبتدأة فلا يكون بدلاً عنها.

يبين صحة هذا أن قوله: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةِ) شرط، وقوله: (نَأتِ بِخَيْرٍ منْهَا) جزاء، لأن "ما" يجازى بها، كما يجازى "بمن"، ولهذا جزم قوله: (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا) ، وقال تعالى في سورة فاطر: (مَا يَفْتَح اللهُ للِنّاس مِن رَحْمَة فَلاَ مُمْسِك لَهَا وَمَا يُمسك فلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ) (٣) ،


(١) في الأصل (يأت) .
(٢) في الأصل: (بدل) بالرفع.
(٣) (٢) سورة فاطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>