للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون بمعنى إصلاح صاحبة الفرقة بين المسلمين، وإصلاحها يكون بإزالة أسباب الخصام، أو بالتّسامح والعفو، أو بالتّراضي على وجه من الوجوه، وبهذا الإصلاح يذهب البين وتنحلّ عقدة الفرقة. أمّا إصلاح ذات البين على المعنى الثّاني، فيكون بمعنى إصلاح صاحبة الوصل والتّحابب والتّآلف بين المسلمين، وإصلاحها يكون برأب ما تصدّع منها، وإزالة الفساد الّذي دبّ إليها بسبب الخصام والتّنازع على أمر من أمور الدّنيا «١» .

[الإصلاح في القرآن الكريم:]

وقد ورد الإصلاح في القرآن الكريم في مواضع متعدّدة، منها قوله تعالى على لسان موسى- عليه السّلام- يوصي أخاه هارون: وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (الأعراف/ ١٤٢) . وهو هنا بمعنى الرّفق.

ومنه قوله تعالى على لسان نبيّ الله شعيب عليه السّلام: قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (هود/ ٨٨) . وهو هنا بمعنى الإحسان. ومنه قوله تعالى في وصف المنافقين: قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (البقرة/ ١١) .

ومنه قوله تعالى: وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها (الأعراف/ ٨٥) .

قال المفسّرون: الإصلاح هنا الطّاعة، ضدّ الإفساد وهو المعصية.

ومنه قوله تعالى: وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ (هود/ ١١٧) والإصلاح هنا بمعنى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر «٢» .

[للاستزادة: انظر صفات: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- التعاون على البر والتقوى- حسن المعاملة. العفو- المروءة- النصيحة- التقوى الصفح.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الفساد- التعاون على الإثم والعدوان- سوء المعاملة- العدوان] .


(١) انظر: الأضداد للأنباري: ٧٥، والأضداد للأصمعي والسجستاني وابن السكيت (٥٢، ٣٥١- ٣٥٢، ٢٢٥) . والأخلاق الإسلامية للميداني (٢/ ٢٣٠) .
(٢) انظر: نزهة العيون النواظر (٣٩٧/ ٣٩٨) بتصرف.